للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و {وَإِنْ} بمعنى ما، كقوله {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ} [الأنبياء: ١٠٩] {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ} [الأنبياء: ١١١]، واللام للجحد، نحو: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} [الأنفال: ٣٣].

والجبال: أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعلامه ودلالاته (١).

ومن قرأ بفتح اللام (٢) فإن هي المخففة من الثقيلة (٣)، فيكون التعظيم لمكرهم، كقوله {وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (٢٢)} [نوح: ٢٢]، خلاف القراءة الأخرى، وهذا كله معنى كلام أبي علي (٤).

وعن علي رضي الله عنه في جماعة: أن المراد بالمكر هاهنا: ما كان من نمرود الجبار، وذلك أنه قال: إن كان ما يقوله إبراهيم حقاً فلا أنتهي حتى أعلم ما في السماء، فعمد إلى أربعة أفرخ من النسور وعلفها اللحم وربَّاها حتى شبت واستفحلت - ويروى: استفلحت (٥) - ثم قعد في تابوت وجعل معه رجلاً آخر وجعل له باباً من أعلى وباباً من أسفل، وربط التابوت بأرجل النسور وعلق اللحم فوق التابوت على عصا ثم خَلَّى عن النسور فَطِرْنَ وصعدنَ طمعاً في اللحم حتى أبعدن في الهواء، فقال نمروذ لصاحبه: افتح الباب الأعلى وانظر إلى السماء هل قربنا


(١) قال الواحدي في «البسيط» (ص ٢٦١): (والجبال هاهنا: مَثَلٌ لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمرِ دين الإسلام وأعلامه ودلالته، على معنى أن ثبوته كثبوت الجبال الراسية، لأن الله تعالى قد وعد نبيه -صلى الله عليه وسلم- إظهار دينه على كل الأديان).
(٢) قرأ الكسائي (لَتزولُ) بفتح اللام الأولى ورفع الثانية، وقرأ باقي العشرة بكسر الأولى ونصب الثانية.
انظر: «النشر» لابن الجزري ٢/ ٣٠٠.
(٣) في (أ): (المثقلة).
(٤) انظر: «الحجة» لأبي علي الفارسي ٥/ ٣١ - ٣٣.
(٥) قوله (ويروى استفلحت) لم يرد في (ب)، وفي (د): (ويروى: استعجلت)، وعند الطبري ١٣/ ٧٢١ (استعلجت).

<<  <   >  >>