يجب أن تُحْذَر، والأمر في هذا المجال لا يعدو أن يكون حكمًا بما أنزل الله كاملًا؛ أو أن يكون اتباعًا للهوى وفتنة يحذر الله منها.
ثم يستمر السياق في تتبع الهواجس والخواطر؛ فيُهَوّن على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أمرهم إذا لم يعجبهم هذا الاستمساك الكامل بالصغيرة قبل الكبيرة في هذه الشريعة، وإذا هم تولوا فلم يختاروا الإسلام دينًا؛ أو تولوا عن الاحتكام إلى شريعة الله:{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}. فإن تولوا فلا عليك منهم؛ ولا يفْتِنك هذا عن الاستمساك الكامل بحكم الله وشريعته. ولا تجعل إعراضهم يفت في عضدك أو يحولك عن موقفك.
فإنهم إنما يتولون ويعرضون لأن الله يريد أن يجزيهم على بعض ذنوبهم، فهم الذين سيصيبهم السوء بهذا الإعراض، لا أنت ولا شريعة الله ودينه، ولا الصف المسلم المستمسك بدينه.
ثم إنها طبيعة البشر:{وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} فهم يخرجون وينحرفون لأنهم هكذا، ولا حيلة لك في هذا الأمر، ولا ذنب للشريعة، ولا سبيل لاستقامتهم على الطريق!
وبذلك يغلق كل منافذ الشيطان ومداخله إلى النفس المؤمنة؛ ويأخذ الطريق على كل حجة وكل ذريعة لترك شيء من أحكام هذه الشريعة؛ لغرض من الأغراض، في ظرف من الظروف.
ثم يقفهم على مفرق الطريق: فإنه إما حكم الله، وإما حكم الجاهلية. ولا وسط بين الطرفين ولا بديل. حكم الله يقوم في الأرض، وشريعة الله تُنَفّذ في حياة الناس، ومنهج الله يقود حياة البشر. أو أنه حكم الجاهلية، وشريعة الهوى، ومنهج العبودية. فأيهما يريدون؟ {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.