ما الذي يستطيع أن يقوله، وبخاصة إذا كان يدعي أنه من المسلمين؟!
الظروف؟ الملابسات؟ عدم رغبة الناس؟ الخوف من الأعداء؟!! ألم يكن هذا كله في علم الله - سبحانه وتعالى - وهو يأمر المسلمين أن يقيموا بينهم شريعته، وأن يسيروا على منهجه وألا يُفْتَنوا عن بعض ما أنزله؟
ألم يكن ذلك في علم الله وهو يشدد هذا التشديد، ويحذر هذا التحذير؟
يستطيع غير المسلم أن يقول ما يشاء. ولكن المسلم - أو من يدّعون الإسلام - ما الذي يقولونه من هذا كله، ثم يبقون على شيء من الإسلام؟ أو يبقى لهم شيء من الإسلام؟ إنه مفرق الطريق، إما إسلام وإما جاهلية. إما إيمان وإما كفر. إما حكم الله وإما حكم الجاهلية. والذين لا يحكمون بما أنزل الله هم الكافرون الظالمون الفاسقون. والذين لا يقبلون حكم الله من المحكومين ما هم بمؤمنين.
إن هذه القضية يجب أن تكون واضحة وحاسمة في ضمير المسلم، وألا يتردد في تطبيقها على واقع الناس في زمانه، والتسليم بمقتضى هذه الحقيقة ونتيجة هذا التطبيق على الأعداء والأصدقاء! وما لم يحسم ضمير المسلم في هذه القضية، فلن يستقيم له ميزان، ولن يتضح له منهج، ولن يفرق في ضميره بين الحق والباطل، ولن يخطو خطوة واحدة في الطريق الصحيح. وإذا جاز أن تبقى هذه القضية غامضة أو مائعة في نفوس الجماهير من الناس، فما يجوز أن تبقى غامضة ولا مائعة في نفوس من يريدون أن يكونوا «المسلمين» وأن يحققوا لأنفسهم هذا الوصف العظيم» (١).
(١) في ظلال القرآن للأستاذ سيد قطب - رحمه الله - (٢/ ٩٠١ - ٩٠٥) باختصار وتصرف يسيرين.