للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعقوبات المقدرة في الشريعة؛ إنما هي عقوبات على جرائم ثابتة لا يتبدل وجه المفسدة فيها مهما اختلفت الأزمان والأماكن، وتطورت الحياة والنظم. ولهذا فإنها لا تزال صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان.

٤ - أن هذه الشبهة جاءت من قياس العقوبات الشرعية على العقوبات الوضعية التي تتطور مع الزمن، ويحصل فيها التغيير والتبديل بين الحين والحين، تلافيًا لما فيها من الأخطاء، وتحقيقًا لما هو أجدى وأكمل. فقالوا إنه ما دامت القوانين تُلغى أو تُعدل؛ فلم لا نفعل مثل ذلك في العقوبات الشرعية؟!!

وهذه نظرة خاطئة إلى الشريعة الإسلامية، ومكمن الخطأ فيها قياس شريعة الله - سبحانه وتعالى - العادلة المحكمة، على الاجتهادات البشرية القاصرة التي تتأثر بما حولها من مؤثرات شخصية أو اجتماعية أو بيئية، أو غيرها.

٥ - أن تحقيق هذه العقوبات الشرعية للأمن، وحمايتها لمصالح الناس، ومكافحتها للجرائم، على مدى القرون الماضية التي طبقت فيها، مع اختلاف البيئات والثقافات والأجناس؛ دليل على أنها تشريع من حكيم خبير، وأنه لا يمكن أن يقوم غيرُها مقامها، ولا أن يحقق الثمرة التي تتحقق من خلالها.

الشبهة التاسعة: شبهة في قالب شعري:

قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (المائدة: ٣٨).

هناك قصة تناقلها أهل التاريخ والأدب، والله أعلم بصحتها حتى لا نتهم أحدًا بما هو منه بريء، فلم ترد بسندٍ صحيح، ولكن نذْكُرُها لنأخذ منها العبرة بغض النظر عن أشخاصها، فقد رُوِيَ أن أبا العلاء المعري، (أو آخر يحمل نفس اللقب، الله أعلم) سأل: «كم دية اليد؟»، فقالوا: «ديتها خمسمائة دينار من الذهب»، فقال: «في كم تُقْطع؟»، فقالوا: «إذا سرقت ربع دينار قُطِعَت». فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>