للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّرجات؛ فإنَّ اللهَ رتَّب الجزاءَ على الأعمال لا على الأنساب، كما قال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١)} (المؤمنون: ١٠١).

ويشهد لهذا كلِّه ما في الصحيحين عن عمرو بن العاص سدد خطاكم أنَّه سمع النَّبِيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: “ أَلَا إِنَّ آلَ أَبِي، يَعْنِي فُلَانًا، لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ “، يشير إلى أنَّ ولايتَه لا تُنال بالنَّسَب وإن قَرُب، وإنَّما تُنال بالإيمان والعمل الصالح، فمن كان أكملَ إيمانًا وعملًا فهو أعظم ولايةً له، سواء كان له منه نسبٌ قريبٌ أو لم يكن، وفي هذا المعنى يقول بعضُهم:

وربِّكَ مَا الإنسانُ إلاَّ بدينِهِ فلَا ... تَتْرُكِ التقوَى اتِّكالًا على النَّسب

لقدْ رفعَ الإسلامُ سلمانَ فارسٍ ... وقدْ وضعَ الشركُ النَّسِيبَ أبا لهب

أهل السنة وسط في حب آل البيت بين المذاهب:

فالشيعة يغالون في حب آل البيت، ومنهم من يطوف على قبورهم، ويدعوهم بكشف الضر وجلب النفع، ومنهم من يزعم أنهم يعلمون الغيب ... إلخ.

وأما النواصب فيبغضون آل البيت ويحاربونهم، والخوارج منهم قتلوا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وشنعوا عليه.

وأما أهل السنة فيحبون آل البيت ويذكرون فضائلهم، ويعتبرون حبهم إيمانًا، وبغضهم نفاقًا، لكنهم لا يغلون فيهم، فلا يطوفون حول قبورهم؛ لأن الله أمر بالطواف حول الكعبة فقط، ولأن الطواف عبادة والعبادة لا تكون إلا لله ... وكذلك لا يدَّعون فيهم أنهم يعلمون الغيب، قال تعالى: { ... قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (النمل: ٦٥).

وهذه العقيدة - عقيدة أهل السنة في آل البيت رضوان الله عليهم - موجودة في كتبهم: كتب الحديث، وكتب العقائد، وكتب الفقه، حيث يذكرها كل صاحب

<<  <  ج: ص:  >  >>