ومعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - هو أحد الصحابة الذين أكرمهم الله - عز وجل - بصحبة نبيه محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وكل كلام يقال في الصحابة فيما يتعلق بفضلهم عمومًا وما يجب لهم عمومًا، فإن معاوية سدد خطاكم يدخل في ذلك.
أما من تكلم فيهم بكلام لا ينبغي فهو في الحقيقة لم يضرَّهم إنما ضرَّ نفسه؛ وذلك أنهم - رضي الله عنهم - قدِموا على ما قدَّموا، وقد قدَّموا الخير الكثير، وقد قدَّموا الأعمال الجليلة التي قاموا بها مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فالذي يتكلم فيهم بما لا ينبغي هو في الحقيقة لا يضرهم وإنما يضرُّ نفسه.
بل إن ذلك يكون زيادة في حسناتهم، ورفعة في درجاتهم؛ لأنه إذا تكلم فيهم بغير حق أضيف إليهم من حسنات المتكلم فيهم إذا كان له حسنات، فيكون ذلك رِفْعةً في درجاتهم، وإن لم يكن له حسنات فإنه لا يضر السحاب نبح الكلاب - كما يقولون. وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت:«أمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَسَبُّوهُمْ»(رواه مسلم).
وقال أبو زرعة الرازى - رحمه الله -: «إذا رأيتَ الرجُل ينتقِصُ أحدًا من أصحابِ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن القرآن حق، والرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - حق، وما جاء به حق، وما أدّى إليْنا ذلكَ كُلَّه إلا الصحابة. فمَن جَرَحَهُم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة، فيكون الجرح به أليَق، والحكم عليه بالزندقة والضلال أقوَم وأحَقّ».