فلا يجوز الطعنُ في آحادهم، فكيف بمن له فضائل ثابتة - خاصة وعامة - مثلَ معاوية - رضي الله عنه -؟
وما من شخصية في تاريخنا الإسلامي، من الرعيل الأول من الصحابة الذين تربَّوْا على يَدَيْ رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قد نالها من التشويه والدَّسّ والافتراء والظلم، مثل ما ناله معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما -. حيث امتلأت معظم المصادر التاريخية بعشرات الروايات الضعيفة أو المكذوبة على هذا الصحابي الكريم سدد خطاكم.
وإن الشبهات التي قيلَتْ في ذم معاوية رضي الله عنه ليست بشيء! وهذه الشبهات التي ذكرت في معاوية - رضي الله عنه - إما أحاديث صحيحة ليس فيها ذم لمعاوية سدد خطاكم بل يُفْهَم منها المدح له. وإما أخبار ساقطة يرويها الأخباريون وأهل التاريخ بلا زمام ولا خطام، ويتولى كبر الترويج لها أهل البدع والأهواء.
ومنها من يكون رواتها من المتروكين كأبي مخنف لوط بن يحيى، والرافضي نصر بن مزاحم صاحب كتاب (صفين)، ومحمد بن السائب الكلبي، ومحمد بن عمر الواقدي متروك.
ولمعاوية - رضي الله عنه - فضائل كثيرة وبسبب ثبوت هذه الفضائل وغيرها عن السلف، فقد نهَوْا نهيًا شديدًا عن التكلم في معاوية - رضي الله عنه - وبقية الصحابة - رضي الله عنهم -، وعَدّوا ذلك من الكبائر. وكان بعض السلف يجعل حب معاوية سدد خطاكم ميزانًا للسنة.
قال الربيع بن نافع:«معاوية بن أبي سفيان ستر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فإذا كَشَفَ الرجلُ السِّتْرَ اجترأ على ما وراءه».
وسُئِلَ أبو عبد الرحمن النسائي عن معاويةَ بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - صاحبِ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فقال:«إنما الإسلام كدارٍ لها بابٌ، فبابُ الإسلام الصحابة، فمن آذى الصحابةَ إنما أرادَ الإسلام، كمن نَقرَ البابَ إنما يريدُ دخولَ الدار. فمن أراد معاويةَ فإنما أراد الصحابة».