قال الإمام عبد الله بن المبارك - رحمه الله -: «معاوية عندنا مِحْنة، فمن رأيناه ينظر إليه شزَرًا اتهمناه على القوم»، يعني الصحابة.
وقد صَدَقُوا في ذلك، فإنه ما من رجل يتجرأ ويطعن في معاوية - رضي الله عنه - إلا تجرأ على غيره من الصحابة - رضي الله عنهم -. والسبب في ذلك أن من تجرأ على معاوية - رضي الله عنه - فإنه يكون قد أزال هيبة الصحابة - رضي الله عنهم - من قلبه فيقع فيهم.
قال الأوزاعي:«أدركَتْ خلافةُ معاوية جماعةً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، لم ينتزعوا يدًا من طاعة، ولا فارقوا جماعة، وكان زيد بن ثابت يأخذ العطاء من معاوية».
وقال الميموني:«سمعْتُ أحمد يقول: «ما لهم ولمعاوية؟ نسأل الله العافية». وقال لي:«يا أبا الحسن، إذا رأيتَ أحدًا يذكر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بسوء فاتهمه على الاسلام».
وسُئِلَ الإمام أحمد - رحمه الله - عن رجل انتقص معاوية وعمرو بن العاص أيُقَالُ له رافضي؟ فقال:«إنه لم يجترئ عليهما إلا وله خبيئة سوء، ما انتقص أحدٌ أحدًا من أصحاب رسُول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا له داخلة سُوء؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى»(رواه البخاري ومسلم).
وما ضر معاوية سدد خطاكم شتم من شتمه؛ فإنه «ما ضر المسك عطره، أن مات من شمه الجُعْل”. الجُعْل: دُوَيْبَّة سَوْدَاء تُدِير الْخِرَاء بِأَنْفِهَا. وَمِنْ شَأْنِه جَمْع النَّجَاسَة وَادِّخَارهَا. وَمِنْ عَجِيب أَمْره أَنَّهُ يَمُوت مِنْ رِيح الْوَرْد وَرِيح الطِّيب فَإِذَا أُعِيدَ إِلَى الرَّوْث عَاشَ. وَمِنْ عَادَته أَنْ يَحْرُس النِّيَام فَمَنْ قَامَ لِقَضَاءِ حَاجَته تَبِعَهُ وَذَلِكَ مِنْ شَهْوَته لِلْغَائِطِ لِأَنَّهُ قُوتُه.
و «لا يضر السحابَ نبحُ الكلاب، ولن يضير السماء نقيق الضفادع».
يا نَاطِحَ الجَبَلَ العالي ليَكْلِمَه ... أَشفِقْ على الرّأسِ لا تُشْفِقْ عل الجَبَلِ