فلما قضى أبو مسلم مقالته أقبل عليه معاوية فقال:«يرحمك الله يرحمك الله».
٤ - وقال بعضهم: أسمَعَ رجلٌ معاويةَ كلامًا سيئًا شديدًا، فقيل له:«لو سطوت عليه؟»، فقال:«إني لأستحيي من الله أن يضيق حِلمي عن ذنبِ أحدٍ من رعيتي».
وفي رواية قال له رجل:«يا أمير المؤمنين ما أحلمك؟»، فقال:«إني لاستحيي أن يكون جرم أحد أعظم من حلمي».
٥ - وقال له ابن أخته عبد الرحمن بن أبي الحكم:«إن فلانًا يشتمني»، فقال له معاوية:«طأطئ لها؛ فتمر؛ فتجاوزك».
٦ - وقال:«لا يبلغ الرجل مبلغ الرأي حتى يغلب حلمه جهله، وصبره شهوته، ولا يبلغ الرجل ذلك إلا بقوة الحلم».
جهاد معاوية سدد خطاكم وفتوحاته:
شهد معاويةُ - رضي الله عنه - مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حُنينا والطائف، وشهد غزوة تبوك، وهي العُسرة. وفي أيام أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - شهد حرب المرتدين في اليمامة. ثم جمع أبو بكر - رضي الله عنه - أناسًا ووجههم إلى الشام، وأمَّر عليهم معاوية - رضي الله عنه -، وأمرهم باللحاق بيزيد بن أبي سفيان - رضي الله عنه -، وهي أول مهمة قيادية يتولاها معاوية. ثم صَحِبَ أخاهُ يَزيدَ أميرَ الشام في فُتوحها، وشهد اليرموك، وفتح دمشق تحت راية يزيد.
وفي عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أرسل يزيدُ حملةً بإمرة أخيه معاوية - رضي الله عنهما - إلى سواحل بلاد الشام فافتتحها. وكان معاوية - رضي الله عنه - من الجيش الذي فتح بيت المقدس، ودخل المسجد مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وكان أحد أربعة شهدوا على العَهد العُمَري الشهير. وفي سنة تسع عشرة زمن عمر كانَ معاويةُ - رضي الله عنه - قائدَ فتحِ قَيْسَارِيَّة، من المعارك الفاصلة مع الروم، وكان فيها بَطارِقَتُهم، وقد حاصرها معاوية حصارًا شديدًا، وأبلى فيها بلاءً كبيرًا.