وقال أيضًا:«فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ أَمَّرَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - كَمَا أَمَّرَ غَيْرَهُ وَجَاهَدَ مَعَهُ وَكَانَ أَمِينًا عِنْدَهُ يَكْتُبُ لَهُ الْوَحْيَ وَمَا اتَّهَمَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فِي كِتَابَةِ الْوَحْيِ. وَوَلَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الَّذِي كَانَ مِنْ أَخْبَرِ النَّاسِ بِالرِّجَالِ - وَقَدْ ضَرَبَ اللهُ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ - وَلَمْ يَتَّهِمْهُ فِي وِلَايَتِهِ. وَقَدْ وَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - أَبَاهُ أَبَا سُفْيَانَ إلَى أَنْ مَاتَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَهُوَ عَلَى وِلَايَتِهِ فَمُعَاوِيَةُ خَيْرٌ مِنْ أَبِيهِ وَأَحْسَنُ إسْلَامًا مِنْ أَبِيهِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ».
وقال الإمام الذهبي عن معاوية - رضي الله عنه -: «أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، مَلِكُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ، المَكِّيُّ».
وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - خَيْرًا مِنْهُ بِكَثِيْرٍ، وَأَفْضَلَ، وَأَصْلَحَ، فَهَذَا الرَّجُلُ سَادَ وَسَاسَ العَالَمَ بِكَمَالِ عَقْلِهِ، وَفَرْطِ حِلْمِهِ، وَسَعَةِ نَفْسِهِ، وَقُوَّةِ دَهَائِهِ وَرَأْيِهِ».
وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: «وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين ... فلم يزل مستقلًا بالأمر إلى ... السنة التي كانت فيها وفاته , والجهاد في بلاد العدو قائم , وكلمة الله عالية , والغنائم تَرِد إليه من أطراف الأرض , والمسلمون معه في راحة وعدل , وصفح وعفو».
(١) قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أوَّلُ هَذَا الْأمْرِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةً ثُمَّ يَكُونُ خِلَافَةً وَرَحْمَةً ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا وَرَحْمَةً» (رواه الطيالسي وأحمد والبزار، وصححه العراقي والألباني، انظر: الصحيحة٣٢٧٠).