للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم فقالوا: {هَبْ لَنَا} بل دعاؤهم يعود إلى نفع عموم المسلمين؛ لأن بصلاح مَن ذُكِرَ يكون سببًا لصلاح كثير ممن يتعلق بهم وينتفع بهم.

وقد دعا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لِأَنَسٍ: «اللهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ» (رواه البخاري ومسلم).

وَالْإِنْسَان إِذَا بُورِكَ لَهُ فِي مَاله وَوَلَده قَرَّتْ عَيْنه بِأَهْلِهِ وَعِيَاله , حَتَّى إِذَا كَانَتْ عِنْده زَوْجَة اِجْتَمَعَتْ لَهُ فِيهَا أَمَانِيّه مِنْ جَمَال وَعِفَّة وَنَظَر وَحَوْطَة أَوْ كَانَتْ عِنْده ذُرِّيَّة مُحَافِظُونَ عَلَى الطَّاعَة , مُعَاوِنُونَ لَهُ عَلَى وَظَائِف الدِّين وَالدُّنْيَا , لَمْ يُلْتَفَت إِلَى زَوْج أَحَد وَلَا إِلَى وَلَده , فَتَسْكُن عَيْنه عَنْ الْمُلَاحَظَة , وَلَا تَمْتَدّ عَيْنه إِلَى مَا تَرَى؛ فَذَلِكَ حِين قَرَّتْ الْعَيْن , وَسُكُون النَّفْس.

هل أنت مسئول عن البر أو التمرد؟

وكثيرٌ من الآباءِ والأمَّهاتِ يرجونَ برَّ أولادِهِم بِهِمْ واحترامِهِمْ لَهُمْ، وهذا واجبٌ على الأولادِ لِوالِديهِمْ، إلاَّ أنَّ كثيرًا من الآباءِ والأمَّهاتِ يشْكونَ منْ تمرُّدِ وانْحرافِ أبنائِهِم وفسادِ أخْلاقِهِمْ.

ومهما كانتْ أسبابُ ذلك فإنَّ التَّبِعَةَ في الواقِعِ يَبُوءُ بها الآباءُ، فالطِّفلُ يولدُ على الفِطْرَةِ السَّليمَةِ والصَّفاءِ والنَّقاءِ، ولَكِنَّ المُجتَمَعَ هو الذي يُفْسِدُه، والبِيئةَ التي يعيشُ فيها هيَ الَّتِي تُلَوِّثُ فِطْرَتَهُ وتُفْسِدُ خُلُقَهُ ودينَهُ، ولا سِيَما أبَوَيهُ فَهُما سَببُ هلاكِهِ ودمارهِ، وسبَبُ فسادِهِ أو صلاحِهِ، وسبَبُ استقامَتِهِ أو اعْوِجاجِهِ، ففي الحديثِ الصَّحيحِ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: “ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ “ (رواه البخاري).

ولِهذا جعلَ الإسلامُ من أعظمِ الواجباتِ على الآباءِ والأمَّهاتِ تِجاهَ أولادِهِمْ حسنَ تعَهُّدِهِم ورعايتِهِم، واعْتَبَرَ كلَّ مُفرِّطٍ في أداءِ هذا الواجِبِ ظالمًا لنفْسِهِ وولدِهِ ومُجْتَمَعِهِ وأُمَّتِهِ، فهلْ قُمْنا بواجِبِنا نحْو أبنائِنا؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>