للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علينا قَبْلَ أن نلومَ أبناءَنا ونشكُوَ منَ انحِرافِهِم وفسادِ أخلاقِهِم أن نَسألَ أنْفُسَنا: هل تعهَّدناهُمْ ورعيْناهُمْ منذ صِغَرِهِمْ كما عَلَّمَنَا الإسلامُ؟! هل غرسْنا ورسَّخْنا الإيمانَ والعقيدةَ الصحيحةَ في نفوسِهِمْ؟! هل عوَّدْناهُمُ الصَّلاةَ وهم صغارٌ كما أمرنا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

(مُرُوا): أَمْر مِنْ الْأَمْر. (أَوْلَادكُمْ): يَشْمَل الذُّكُور وَالْإِنَاث. (بِالصَّلَاةِ): وَبِمَا يَتَعَلَّق بِهَا مِنْ الشُّرُوط (وَهُمْ أَبْنَاء سَبْع سِنِينَ): لِيَعْتَادُوا وَيَسْتَأْنِسُوا بِهَا، (وَاضْرِبُوهُمْ): أَيْ الْأَوْلَاد (عَلَيْهَا): أَيْ عَلَى تَرْك الصَّلَاة (وَهُمْ أَبْنَاء عَشْر سِنِينَ): لِأَنَّهُمْ بَلَغُوا أَوْ قَارَبُوا الْبُلُوغ (وَفَرِّقُوا بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِع): أَيْ فَرِّقُوا بَيْن أَوْلَادكُمْ فِي مَضَاجِعهمْ الَّتِي يَنَامُونَ فِيهَا إِذَا بَلَغُوا عَشْرًا حَذَرًا مِنْ غَوَائِل الشَّهْوَة وَإِنْ كُنَّ أَخَوَاته.

هل ربَّيْناهُمْ على حُبِّ اللهِ ورسولِهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -؟! هل حرصْنا على تحفيظِهِمْ كتابَ اللهِ؟! هل شجَّعْناهُمْ على قِراءةِ السُّنَّةِ النَّبويةِ؟! هل صحِبْناهُم معنا إلى مجالسِ العلمِ والمحاضراتِ والنَّدواتِ التي تُعْقَدُ في المساجدِ وغيرِها؟! هل غرسْنا القِيَمَ الحميدَةَ والخِلالَ الكريمَةَ في نُفُوسِهِمْ وأدَّبْناهُمْ بِآدابِ الإسلامِ؟! هل خَصَّصْنا جُزْءًا من أوقاتِنا لأولادِنا وراقَبْنا تصرُّفاتِهِم في المنْزِلِ والشَّارعِ وتتبَّعْنا أحوالَهُمْ في المدارِسِ؟! هل نحنُ قُدوَةٌ صالِحةٌ لأبنائِنا؟! هل قمنا بتربية أبنائنا على الوجه الصحيح أم أننا تركناهم للشارع لكي يربِّيهِم على الأخلاق الدَّنِيئة والألفاظِ البذيئةِِ؟! أسئِلةٌ كثيرةٌ كثيرةٌ يجبُ أن يطرَحَها كلُّ واحدٍ منَّا على نفسِهِ، ويجيبَ عليها بصِدْقٍ.

رُوِيَ أن قاضيًا حَكَمَ على سارقٍ بقطْعِ يدِهِ، فما أنْ لَفَظَ القاضي بالحُكْمِ حتى اهتَزَّتْ جَنَبَاتُ المَحْكَمَةِ بِصَوْتٍ يُجَلْجِلُ: اقْطَعُوا لِسانَ أُمِّي قَبْلَ أَنْ تقْطَعوا يَدِي، فلقد سَرَقْتُ في طفولتي بيضةً من جيراننا، فلم تُؤَنّبْنِي، وإنما هشَّتْ لي وبشَّتْ، مستحسنةً ما فعلتُ، إنني لولا لسانُ أمِّي الذي هَلَّلَ للجريمة في صغري لما كنتُ اليوم سارقًا تقطعُ يدُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>