للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن زيد بن أسلم قال: «دُخِل على أبي دجانة سدد خطاكم وهو مريض، وكان وجهه يتهلل، فقيل له: «ما لِوجهكَ يتهلل؟»، فقال: «ما من عملي شيء أوثق عندي من اثنتين. أما إحداهما: فكنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وأما الأخرى فكان قلبي للمسلمين سليمًا».

سليم القلب من أفضل الناس:

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص - رضي الله عنهما - قَالَ: «قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟» قَالَ: «كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ».

قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ؛ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: «هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني) (١).


(١) تنبيه: حديث أَنَس بْن مَالِكٍ سدد خطاكم قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالَ: “ يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ “، فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ، قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى.
فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - تَبِعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ: «إِنِّي لَاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ؟»، قَالَ: «نَعَمْ».
قَالَ أَنَسٌ: «وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - وَكَبَّرَ، حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ. قَالَ عَبْدُ اللهِ: «غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا، فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلَاثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَنْ أَحْقِرَ عَمَلَهُ، قُلْتُ: «يَا عَبْدَ اللهِ إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ: “ يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ “، فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ، فَأَقْتَدِيَ بِهِ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -؟»، فَقَالَ: «مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ». قَالَ: «فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي»، فَقَالَ: «مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ». فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: «هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ» (رواه الإمام أحمد في المسند، وهو حديث لا يصح». ... =
= فهذا الحديثُ ضعيفٌ - وإن كان ظاهر إسناده الصحة - فإنه معلول؛ لأن فيه انقطاعًا بين الزهري وأنس بن مالك سدد خطاكم، وممن أشار إلى هذه العلة الحافظ المزي في تحفة الأشراف (١/ ٣٩٥)، وابن كثيرٍ في تفسيره (٨/ ٩٦)، والحافظ ابن حجر في النكت الظراف.
وكان الألباني قد صححه في الضعيفة (١/ ٢٦)، ثم تراجع عن ذلك وضعَّفَه في ضعيف الترغيب (١٧٢٨). وقال: «وجَرَيْنَا على ذلك بُرْهة من الزمن، حتى تبينْتُ العلة» (انظر: حديث: يطلع عليكم الآن رجل ... في ميزان النقد لعبد الله زقيل).
فالحديث ضعيف ويخالف دأب الصحابة - رضي الله عنهم -، فإن في القصة أنّ عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال للرجل (إنّي لاحَيْتُ أبي) أي تخاصمت معه، وهذا كذب يُنَزَّه عبد الله ابن عمرو - رضي الله عنهما - عن الوقوع فيه إذ كان يكفيه أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بدلًا من أن يكذب على الرجل. فينبغي عدم رواية هذه القصة حتى لا نُسِيءَ إلى الصحابة - رضي الله عنهم - دون أن نشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>