للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقَالُ رَجُلٌ مَخْمُومُ الْقَلْبِ إِذَا كَانَ نَقِيَّ الْقَلْبِ مِنَ الْغِلِّ وَالْحَسَدِ، هُوَ مِنْ خَمَمْتُ الْبَيْتَ إِذَا كَنَسْتُهُ وَنَظَّفْتُهُ. فَالْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ قَلْبُهُ مَكْنُوسًا وَمُنَظَّفًا مِنْ أَخْلَاقِ الْأَقْذَارِ.

(صَدُوقِ اللِّسَانِ): أَيْ: مُبَالِغٍ لِلصِّدْقِ فِي لِسَانِهِ، فَيَحْصُلُ بِهِ الْمُطَابَقَةُ بَيْنَ تَحْسِينِ لِسَانِهِ وَبَيَانِهِ، فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مُنَافِيًا أَوْ مُرَائِيًا مُخَالِفًا، (النَّقِيُّ) أَيْ: نَقِيُّ الْقَلْبِ، وَطَاهِرُ الْبَاطِنِ، (لَا إِثْمَ فيه): فَإِنَّهُ مَحْفُوظٌ، وَبِالْغُفْرَانِ مَحْظُوظٌ، (وَلَا بَغْيَ) أَيْ: لَا ظُلْمَ لَهُ، (وَلَا غِلَّ) أَيْ: لَا حِقْدَ، (وَلَا حَسَدَ) أَيْ: لَا تَمَنِّيَ زَوَالِ نِعْمَةِ الْغَيْرِ مِنْ بَابِ التَّخْصِيصِ وَالتَّعْمِيمِ عَلَى سَبِيلِ التَّكْمِيلِ وَالتَّعْمِيمِ، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اخْتِصَاصُ الْإِثْمِ بِحَقِّ اللَّهِ، فَصَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ لَا مِنَ الْخَلْقِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الْخَالِقِ.

وما أحوجنا لمثل هذا النقي في مثل هذا الزمن الذي اتصف بكثرة الخلاف والنزاع والفرقة، فامتلأت النفوس وأوغِرَتْ الصدور، فلا تسمع إلا كلمات التنقص، والازدراء، وسوء الظن، والدخول في النيات والمقاصد! فما هي النتيجة؟!

إن خُوطِبُوا كذَبُوا أو طُولِبُوا غضبُوا ... أو حُورِبُوا هربُوا أو صُوحِبُوا غدرُوا

على أرائِكِهِمْ سُبْحانَ خالِقِهِم عاشُوا ... وما شَعَرُوا مَاتُوا وما قُبِرُوا!

<<  <  ج: ص:  >  >>