أخي الحبيب: هلا وقفت مع هذه الآيات وتدبرتها جيدًا؟! إن القرآن يدعوك! {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)} (محمد: ٢٤)؟! هل استمعت جيدًا لهذه الآيات؟! تدبَّرْها وقِفْ معها طويلًا! كم من المشاجرات والخصومات تقع بيننا وبين الناس؟ وإذا رجعنا للقرآن وجدنا هذه الآيات تحدونا إلى العفو والصفح عن المؤمنين وعن الناس {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠)} (الشورى: ٤٠)! تدبر قوله تعالى: {فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}! فما أعظم هذا الأجر، فهو من مالك الملك - سبحانه وتعالى -، فلم تحرم نفسك هذا الأجر؟!
صور مشرقة في عالم الصفاء والنقاء:
الصورة الأولى:
هذا نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - لقي من الأذى مالا تطيقه الجبال ومع هذا كان أسلم الناس صدرًا وأكثرهم عفوا فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنها قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «يَا رَسُولَ اللهِ! هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟»، فَقَالَ:«لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلاَّ بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ. فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي. فَقَالَ: «إنَّ اللهَ – عز وجلّ - قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ».