للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ، لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» (رواه البخاري ومسلم) (١).

(مَا لَقِيتُ) أي لقِيتُ الكثير منَ الأذَى. (يَوْمَ الْعَقَبَة) أي كان ما لاقاه عندها وقيل المراد بالعقبة جمرة العقبة التي بمنى وقيل مكان مخصوص في الطائف ولعل هذا أوْلى. (عَلَى وَجْهِي) باتجاه الجهة المواجهة لي.

(فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلا بقرن الثعالب) أي لم أَتَنَبَّهْ لِحَالِي وَلِلْمَوْضِعِ الَّذِي أَنَا ذَاهِبٌ إِلَيْهِ وَفِيهِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَ قَرْنِ الثَّعَالِبِ لِكَثْرَةِ هَمِّي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ.

وقَرْنُ الثَّعَالِبِ هُوَ قَرْنُ الْمَنَازِلِ، وَهُوَ مِيقَاتُ أَهْلِ نَجْدٍ، وَهُوَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَأَصْلُ الْقَرْنِ كُلُّ جَبَلٍ صَغِيرٍ يَنْقَطِعُ مِنْ جَبَلٍ كَبِيرٍ.

(الْأَخْشَبَيْنِ) هُمَا جَبَلَا مَكَّةَ أَبُو قُبَيْسٍ وَالْجَبَلُ الَّذِي يُقَابِلُهُ، سُمِّيَا بذلك لصَلَابَتِهِما وغِلَظِ حِجَارَتِهِمَا.

الصورة الثانية: يوسف - عليه السلام - فَعَلَ إخوتُه فيه ما حكاه الله تعالى لنا، فلما أمكن منهم {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (يوسف: ٩٢).

{لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} أي: لا أثرب عليكم ولا ألومكم {يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} فسمح لهم سماحًا تامًّا، من غير تعيير لهم على ذكر الذنب


(١) تنبيه: حديث قتادة السدوسي أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال في فتح مكة: «يا معشر قريش، ويا أهل مكة، ما ترون أني فاعل بكم؟»، قالوا: «خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم». ثم قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» (رواه ابن جرير في التاريخ وذكره البيهقي، وضعّفه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء، والألباني، وقال: «هذا الحديث على شهرته ليس له إسناد ثابت».

<<  <  ج: ص:  >  >>