والواجب على العاقل لزوم السلامة بترك التجسس عن عيوب الناس مع الاشتغال بإصلاح عيوب نفسه؛ فإن من اشتغل بعيوبه عن عيوب غيره أراح بدنه ولم يُتْعِب قلبه، فكلما اطلع على عيبٍ لنفسه هان عليه ما يرى مثلَه مِن أخيه، ومن اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه عمى قلبه وتعب بدنه وتعذر عليه ترك عيوب نفسه، وإن من أعجز الناس من عاب الناس بما فيهم، وأعجز منه من عابَهم بما فيه، مَن عابَ الناسَ عابُوه.
إذَا أنتَ عِبْتَ الناسَ عَابُوا وأكثَرُوا ... عليك وأبدَوْا منكَ ما كان يُستَرُ
وقدْ قالَ في بعضِ الأقاويلِ قائلٌ ... له منطقٌ فيهِ كلامٌ محبَّرُ
إذا ما ذكرتَ الناسَ فاتركْ عيوبَهمُ ... فلا عيبَ إلا دُونَ ما مِنكَ يُذكرُ
عَنْ أَنَسٍ سدد خطاكم عنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: “ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (رواه البخاري ومسلم). إن القلب لا يكون سليمًا إذا كان حقودًا حسودًا معجبًا متكبرًا وقد شرط النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.