فالجليس الصالح يعين صاحبه على الصفح والعفو عمن أساء إليه والصبر على ما يصيبه من أذى من الآخرين وبهذا يسلم صدره من الغِلّ وغيرِه.
وصحبةُ الأشرار تُورِثُ سوء الظن بالأخيار، ومَن صاحَبَ الأشرار لم يسلم من الدخول في جملتهم، فالواجب على العاقل أن يجتنب أهل الرّيَب لئلا يكون مريبًا، فكما أن صحبة الأخيار تورث الخير كذلك صحبة الأشرار تورث الشر.
الثامن عشر: استحضار حال أهل الجنة:
فقد أخبر الله تعالى عن حالهم فقال:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ}(الأعراف: ٤٣)، {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}(الحجر: ٤٧). وهذا من كرمه - سبحانه وتعالى - وإحسانه، على أهل الجنة، أن الغِلَّ الذي كان موجودًا في قلوبهم، والتنافس الذي كان بينهم، أنّ الله يقلعه ويزيله، حتى يكونوا إخوانًا متحابين، وأخلاء متصافين.
ويخلق الله لهم من الكرامة، ما به يحصل لكل واحد منهم الغبطة والسرور، ويرى أنه لا فوق ما هو فيه من النعيم نعيم، فبهذا يأمنون من التحاسد والتباغض، لأنه فقدت أسبابه.
التاسع عشر: معرفة أن مُخَالِط الناس لن يسلم من أذاهم:
عن ابن عمر سدد خطاكمما عن النبيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - أَنّه قال: “ المُؤْمِنُ الذي يُخالِطُ النّاسَ وَيَصْبِرْ عَلى أَذاهم أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الّذِي لا يُخالِطَهُمْ ولا يَصْبِرْ على أَذاهم “ (رواه الإمام أحمد في المسند، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني).
قال أبو مسلم الخولاني - رحمه الله -: «كان الناس ورقًا لا شوك فيه، فإنهم اليوم شوك لا ورق فيه، إن سابَبْتَهم سابُّوك، وإن ناقدتَهم ناقدوك، وإن تركْتَهم لم يتركوك، وإن