للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أشبه الخلق بإبراهيم؛، كما في الصحيحين عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ـ فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا صَاحِبُكُمْ» يَعْنِي نَفْسَهُ».

وكان - صلى الله عليه وآله وسلم - يُعَوِّذ أولاد ابنته: حَسَنًا وحُسَيْنًا - رضي الله عنهما - بتعويذ إبراهيم لإسماعيل وإسحاق - عليهم السلام -؛ ففي صحيح البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ»

(إِنَّ أَبَاكُمَا) يُرِيد إِبْرَاهِيم - عليه السلام -.

(بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ) الْمُرَاد بِالتَّامَّةِ: الْكَامِلَة، وَقِيلَ: النَّافِعَة، وَقِيلَ: الشَّافِيَة، وَقِيلَ: الْمُبَارَكَة، وَقِيلَ: الْقَاضِيَة الَّتِي تَمْضِي وَتَسْتَمِرّ وَلَا يَرُدّهَا شَيْء وَلَا يَدْخُلهَا نَقْص وَلَا عَيْب.

وكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَد - رحمه الله - يَسْتَدِلّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ كَلَام اللهِ غَيْر مَخْلُوق، وَيَحْتَجّ بِأَنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لَا يَسْتَعِيذ بِمَخْلُوقٍ.

(مِنْ كُلّ شَيْطَان) يَدْخُل تَحْته شَيَاطِين الْإِنْس وَالْجِنّ.

(وَهَامَّة) وَاحِدَة الْهَوَامّ ذَوَات السَّمُوم، وَقِيلَ: كُلّ مَا لَهُ سُمٌّ يَقْتُل، وَقِيلَ: الْمُرَاد كُلّ نَسَمَة تَهُمُّ بِسُوءٍ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ كُلّ عَيْن لَامَّة) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُرَاد بِهِ كُلّ دَاء وَآفَة تُلِمّ بِالْإِنْسَانِ مِنْ جُنُون وَخَبَل.

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قال: {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ؛ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وآله وسلم - حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (رواه البخاري).

<<  <  ج: ص:  >  >>