للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (هود: ٥٦).

(مَاضٍ) أي ثابت ونافذ (فِيَّ) أي في حقي (حُكْمُك) أي الأمري أو الكوني كإهلاك وإحياء ومنع وعطاء، فلا رَادّ لما قضيت.

(عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ) أي ما قَدَّرْتَه عليَّ لأنك تصرفتَ في ملكك على وفق حكمتك؛ لأنك المالك من كل الوجوه، فلا يُتَصَوَّر الظلمُ في قضائك.

(أوْ أنْزَلْتَه فِي كِتَابِكَ) أي: من الكتب السماوية، أي في جنس الكتب المنزلة.

(اسْتَأثَرْتَ) أي تفرَّدْتَ به. واخترته واصطفيته في علمك مخزونًا عندك.

(أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي) رَبِيعَ قَلْبِي: أي: متنزهه، ومكان رَعْيِه وانتفاعه بأنواره وأزهاره وأشجاره وثماره، المشبه بها أنواع العلوم والمعارف وأصناف الحكم والأحكام واللطائف.

والربيع المطر الذي يحيى الأرض، شَبَّه القرآن به لحياة القلوب به، فتضمن الدعاء أن يُحْيِيَ قَلْبَه بربيع القرآن وأن يُنَوِّرَ به صدره فتجتمع له الحياة والنور، قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام: ١٢٢).

ولما كان الصدر أوسع من القلب كان النور الحاصل له يسري منه الى القلب لأنه قد حصل لما هو أوسع منه، ولما كانت حياة البدن والجوارح كلها بحياة القلب تسري الحياة منه الي الصدر ثم الى الجوارح سأل الحياة له بالربيع الذي هو مادتها، ولما كان الحزن والهم والغم يضاد حياة القلب واستنارته سأل أن يكون ذهابها بالقرآن؛ فإنها أحْرَى أن لا تعود، وأما إذا ذهبت بغير القرآن من صحة أو دنيا أو جاه أو زوجة أو ولد فإنها تعود بذهاب ذلك. (جِلاءَ حُزْنِي) أي: إزالة حزني.

وقد ورد في السنّة النبوية أدعية أخرى بشأن الغم والهم والكرب ومنها:

<<  <  ج: ص:  >  >>