للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاجعل الأمور النافعة نصب عينيك واعمل على تحقيقها، ولا تلتفت إلى الأمور الضارة لتلهو بذلك عن الأسباب الجالبة للهم والحزن واستعن بالراحة وإجماع النفس على الأعمال المهمة.

الثامن عشر: عدم السماح بتراكم الأعمال والواجبات:

ومن الأمور النافعة عدم السماح بتراكم الأعمال والواجبات، وذلك بحسمها في الحال والتفرغ للمستقبل؛ لأن الأعمال إذا لم تُحسم اجتمع عليك بقية الأعمال السابقة وانضافت إليها الأعمال اللاحقة، فتشتد وطأتها، فإذا حَسَمْتَ كُلَّ شيء في وقته تفّرغْتَ للأمور المستقبَلَة بقوة تفكير وقوة عمل.

وينبغي أن تتخير من الأعمال النافعة الأهم فالأهم، ومَيِّزْ بين ما تميل نفسك إليه وتشتد رغبتُك فيه، فإن ضده يُحْدِثُ السآمة والملل والكدر، واستعن على ذلك بالفكر الصحيح والمشاورة، فما ندم من استشار، وادرس ما تريد فعله درسًا دقيقًا، فإذا تحققت المصلحة وعزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين.

التاسع عشر: التوقع المستمر والاستعداد النفسي لجميع الاحتمالات:

فإن الإنسان إذا استحضر في نفسه فَقْدَ عزيز أو مرض قريب أو وقوعًا في دين أو قهر عدو أو أي احتمال سيئ مما لم يحدث بعد - مع استعاذته بالله من ذلك ورجاء السلامة - فإنه لو وقع له شيء من ذلك حقيقة سيكون أهون عليه وأخف وطأة لتوقعه المسبق.

ومما ينبغي التنبّه له أن كثيرًا من الناس من ذوي الهمم العالية يوطنون أنفسهم عند وقوع الكوارث والمزعجات على الصبر والطمأنينة. لكن عند الأمور التافهة البسيطة يقلقون، ويتكدر الصفاء، والسبب في هذا أنهم وطّنُوا نفوسهم عند الأمور الكبار، وتركوها عند الأمور الصغار فضَرَّتْهُم وأثرت في راحتهم. فالحازم يُوَطّن نفسه على الأمور الصغيرة والكبيرة ويسأل الله الإعانة عليها، وأن لا يَكِلَه إلى نفسه طرفة

<<  <  ج: ص:  >  >>