للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا علاج لغموم وكربات ذلك اليوم - يوم الجزاء - إلا بالإقبال على الله في هذا اليوم – يوم العمل. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سدد خطاكم: «ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً، وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ اليَوْمَ عَمَلٌ وَلاَ حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلاَ عَمَلٌ» (رواه البخاري).

مَن ذَا الذِي قد نالَ راحةَ فِكْرِه ... في عُسره مِن عُمْرِه أو يُسْرِهِ؟

واللهِ لوْ عاشَ الفتَى مِن عُمْرِهِ ... ألفًا مِن الأعوامِ مالكَ أمْرِه

مُتَنَعِّمًا فيها بكل لذيذةٍ ... متنعمًا فيها بسُكْنى قَصْرِه

لا يعتريه السُقمُ فيها مَرةً ... كلّا ولا تَرِدُ الهمُومُ ببالِه

ما كان ذلك كُلُّه في أنْ يَفِي ... بمَبِيتِ أوَّلِ ليلةٍ في قبرِه

صبرًا فغمسة في الجنة تُنْسي كل شقاء وبؤس وبلاء، وغمسَةٌ في النار - عياذًا بالله - تُنْسِي كل لذة ونعيم. قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: «يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟»، فَيَقُولُ: «لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ»، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: «يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟»، فَيَقُولُ: «لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ». (رواه مسلم). (فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً): أي يُغْمَسُ غَمْسَةً.

ورواه ابن ماجه بلفظ: «يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنَ الْكُفَّارِ، فَيُقَالُ: «اغْمِسُوهُ فِي النَّارِ غَمْسَةً»، فَيُغْمَسُ فِيهَا، ثُمَّ يُخْرَجُ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: «أَيْ فُلَانُ، هَلْ أَصَابَكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟»، فَيَقُولُ: «لَا، مَا أَصَابَنِي نَعِيمٌ قَطُّ»، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ الْمُؤْمِنِينَ ضُرًّا وَبَلَاءً، فَيُقَالُ: «اغْمِسُوهُ غَمْسَةً فِي الْجَنَّةِ»، فَيُغْمَسُ فِيهَا غَمْسَةً، فَيُقَالُ لَهُ: «أَيْ فُلَانُ هَلْ أَصَابَكَ ضُرٌّ قَطُّ، أَوْ بَلَاءٌ»، فَيَقُولُ: «مَا أَصَابَنِي قَطُّ ضُرٌّ، وَلَا بَلَاءٌ». (صححه الألباني).

<<  <  ج: ص:  >  >>