الأولى هو العسر في الآية الثانية، أما اليسر في الآية الثانية فهو يسر آخر غير الذي في الآية الأولى.
وقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في وصيته لابن عباس - رضي الله عنهما -: «وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»(رواه الإمام أحمد في المسند، وصححه الألباني).
الثاني والعشرون: ومن علاجات الهموم ما يكون بالأطعمة:
فعن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينِ لِلْمَرِيضِ وَلِلْمَحْزُونِ عَلَى الْهَالِكِ، وَكَانَتْ تَقُولُ:«إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ الْمَرِيضِ وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ». (رواه البخاري). وعَنْها أيضًا - رضي الله عنها - أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ:«كُلْنَ مِنْهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ: «التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ».
والتلبينة: هي حساء يعمل من دقيق أو نخالة ويجعل فيه عسل وسميت تلبينة لشبهها باللبن، وهي تطبخ من الشعير مطحونًا. ومعنى مُجِمَّة: أي تريح وتنشط وتزيل الهمّ. وهذا الأمر - وإن استغربه بعض الناس - هو حق وصدق ما دام قد ثبت من طريق الوحي عن المعصوم - صلى الله عليه وآله وسلم -، والله - سبحانه وتعالى - خلق الأطعمة وهو أعلم بخصائصها.
هموم الآخرة أعظم وغمومها وكروبها أشدّ:
إأن هموم الآخرة أعظم وغمومها وكروبها أشدّ، ومن أمثلة ذلك ما يُصيب الناس في أرض المحشر فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سدد خطاكم أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ:«يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لا يُطِيقُونَ وَلا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ: «أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ، أَلا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ»، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ:«عَلَيْكُمْ بِآدَمَ ... ». (رواه البخاري).