احترق المسجد الأقصى المبارك بِيَد الغدر ونار الحقد، بجريمة بشعة خُطِّط لها بليل ودُبِّر لها بإحكام، ونُفِّذت في ظلّ الاحتلال أول جريمةِ حرقٍ للمسجد الأقصى في تاريخه.
لقد استيقظ أهل القدس ورأوا المسجد صباح يوم الحادي والعشرين من شهر أغسطس لعام ألف وتسعمائة وتسع وستين، استيقظوا على استغاثات المسجد، تنطلق من حناجر المرابطين الذين هبّوا لإطفاء الحريق بنور إيمانهم وصدق عزيمتهم وثبات موقفهم الذي لا يرضخ لمخطّطات العدوان ولا يستكين لجرائم المحتلين. ولقد شاهد العالم ألسنة النيران التي علت قبّة المسجد تشكو إلى الله ظلمَ الظالمين واعتداء المعتدين الذين لا يرعَون للمقدسات حُرْمةَ، ولا يَرْقُبُون في مؤمنٍ إلًا ولا ذمة.
إنّ الحريق الذي استهدف المسجد الأقصى وجودًا وحضارة لم يتوقّف عند إحراق منبر صلاح الدين الأيوبي والأجزاء التي تمثّل فنّ الحضارة والعمارة الإسلامية على امتداد التاريخ الإسلامي في المسجد الأقصى، بل امتدّ هذا الحريق وانتشر في ربوع أرضنا المباركة بأشكال متعدّدة؛ في محاولات لطمس معالم هذه الديار وفرض التهويد على الأرض والمقدسات، وفي الطليعة وبؤرة الصراع تأتي مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك.
لقد زحف ويزحف التهويد على هذه المدينة من خلال المستعمرات والمستوطنات التي تتطوَّقها من جميع جهاتها، بل امتدّت هذه المستوطنات إلى أحيائها العربية، ومن شأنها تقطيع أوصال هذه الأحياء وفصلها عن بعضها البعض. كما انتشر سرطان الاستيطان في الأراضي الفلسطينية من خلال مصادرات الأراضي من أصحابها الشرعيين لإقامة المستوطنات وابتلاع أكبر قدر من الأرض في بناء وإقامة الطرق والشوارع الالتفافية، مما أحرق مقوّمات الاقتصاد لأبناء شعبنا الذي يعتمد على