للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذبح النسك خالصاً لله غير ملق بالًا إلى شرك المشركين، وغير مشارك لهم في عبادتهم أو في ذكر غير اسم الله على ذبائحهم.

والصلاة تتضمن الخضوع في القلب والجوارح لله، وتنقلها في أنواع العبودية، وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من الذبائح، وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته والشح به.

{إِنَّ شَانِئَكَ} أي: مبغِضُك وذامُّك ومنتقصك {هُوَ الْأَبْتَرُ} أي: المقطوع من كل خير، مقطوع العمل، مقطوع الذكر. وأما محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، فهو الكامل حقًا، الذي له الكمال الممكن في حق المخلوق، من رَفْع الذكر، وكثرة الأنصار والأتباع - صلى الله عليه وآله وسلم -.

في الآية الأولى قرر أنه ليس أبتر بل هو صاحب الكوثر. وفي هذه الآية يرد الكيد على كائديه، ويؤكد سبحانه أن الأبتر ليس هو محمد، إنما هم شانئوه وكارهوه.

ولقد صدق فيهم وعيد الله. فقد انقطع ذكرهم وانطوى. بينما امتد ذكر محمد وعلا. ونحن نشهد اليوم مصداق هذا القول الكريم، في صورة باهرة واسعة المدى كما لم يشهده سامعوه الأولون!

إن الإيمان والحق والخير لا يمكن أن يكون أبتر. فهو ممتد الفروع عميق الجذور. وإنما الكفر والباطل والشر هو الأبتر مهما ترعرع وزها وتجبر.

إن مقاييس الله غير مقاييس البشر. ولكن البشر ينخدعون ويغترون فيحسبون مقاييسهم هي التي تقرر حقائق الأمور! وأمامنا هذا المثل الناطق الخالد. فأين الذين كانوا يقولون عن محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - قولتهم اللئيمة، وينالون بها من قلوب الجماهير، ويحسبون حينئذ أنهم قد قضوا على محمد وقطعوا عليه الطريق؟ أين هم؟ وأين ذِكْراهم، وأين آثارهم؟ إلى جوار الكوثر من كل شيء، ذلك الذي أوتيه من كانوا يقولون عنه: الأبتر؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>