فضل الله ورحمته ـ أي في هذه الآية ـ الإسلام والسنة» (١).
وكتب التفسير المشهورة كتفسير ابن جرير ومختصره لابن كثير وتفاسير القرطبي والبغوي والبيضاوي والنسفي وابن الجوزي ليس فيها أي إشارة إلى العلاقة بين معنى هذه الآية والاحتفال بمولد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ويكفي في توضيح معنى الآية ذِكْرُ كلام الإمام الطبري شيخ المفسرين إذ لو نُقِل كلام الجميع لطال المقام.
قال ابن جرير:«يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -: قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بك، وبما أنزل إليك من عند ربك: بفضل الله أيها الناس الذي تفضل به عليكم وهو الإسلام، فبيَّنَه لكم ودعاكم إليه، وبرحمته التي رحمكم بها فأنزلها إليكم، فعلَّمكم ما لم تكونوا تعلمون من كتابه، فبصَّركم بها معالم دينكم؛ وذلك القرآن.
{فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} يقول: فإن الإسلام الذي دعاهم إليه والقرآن الذي أنزله عليهم، خير مما يجمعون من حطام الدنيا وأموالها وكنوزها، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل». اهـ.
يظهر من هذا أن الآية تتحدث عن شيء آخر ولا يدخل فيها نصًّا أو دلالة ما ذكروه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هو المراد بالرحمة هنا، كما أن في هذا إغفال تام لسياق الآية.
٢ - إن الرحمة للناس لم تكن بولادة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وإنما كانت ببعثه وإرساله إليهم، وعلى هذا تدل النصوص من الكتاب والسنة، أما الكتاب فقوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}(الأنبياء ١٠٧).فنص على أن الرحمة للعالمين إنما كانت في إرساله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولم يتعرض لذكر ولادته.
وأما السنة ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ: «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً».
(١) اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية (ص٣٨).