أبى طالب - رضي الله عنه - وغيره، من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ويثلثون بعثمان ويربعون بعلى - رضي الله عنهم -.
وعَنْ عَمْرو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: عَائِشَةُ.
قُلْتُ: مِنْ الرِّجَالِ؟
قَالَ: أَبُوهَا.
قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: عُمَرُ، فَعَدَّ رِجَالًا». (رواه البخاري ومسلم).
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي (أي على بن أبى طالب - رضي الله عنه -):أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -؟
قَالَ: «أَبُو بَكْرٍ».
قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: «ثُمَّ عُمَرُ»، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ.
قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟
قَالَ: «مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» (رواه البخاري).
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): «وَهَذَا قَالَهُ عَلِيّ - رضي الله عنه - تَوَاضُعًا مَعَ مَعْرِفَته حِين الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة أَنَّهُ خَيْر النَّاس يَوْمئِذٍ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْد قَتْل عُثْمَان، وَأَمَّا خَشْيَة مُحَمَّد اِبْن الْحَنَفِيَّة أَنْ يَقُول عُثْمَان فَلِأَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ يَعْتَقِد أَنَّ أَبَاهُ أَفْضَل، فَخَشِيَ أَنَّ عَلِيًّا يَقُول عُثْمَان عَلَى سَبِيل التَّوَاضُع مِنْهُ وَالْهَضْم لِنَفْسِهِ فَيَضْطَرِب حَال اِعْتِقَاده وَلَا سِيَّمَا وَهُوَ فِي سِنّ الْحَدَاثَة ... وَقَدْ سَبَقَ بَيَان الِاخْتِلَاف فِي أَيّ الرَّجُلَيْنِ أَفْضَل بَعْد أَبِي بَكْر وَعُمَر: عُثْمَان أَوْ عَلِيّ؟ وَأَنَّ الْإِجْمَاع اِنْعَقَدَ بِآخِرِهِ بَيْن أَهْل السُّنَّة أَنَّ تَرْتِيبهمْ فِي الْفَضْل كَتَرْتِيبِهِمْ فِي الْخِلَافَة، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ».
ثم نقل عن الْقُرْطُبِيّ فِي (الْمُفْهِم شرح صحيح مسلم) أن الْمَقْطُوع بِهِ بَيْن أَهْل السُّنَّة بِأَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْر ثُمَّ عُمَر، ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِيمَنْ بَعْدهمَا: فَالْجُمْهُور عَلَى تَقْدِيم عُثْمَان، وَعَنْ مَالِك التَّوَقُّف، وَالْمَسْأَلَة اِجْتِهَادِيَّة، وَمُسْتَنَدهَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة اِخْتَارَهُمْ اللهُ تَعَالَى لِخِلَافَةِ نَبِيّه وَإِقَامَة دِينه فَمَنْزِلَتهمْ عِنْده بِحَسَبِ تَرْتِيبهمْ فِي الْخِلَافَة».اهـ بتصرف من (الفتح).
بلّغ الأشواقَ والحُبَّ الصَّحَابَةْ سَادَةَ القومِ وأَرْبَابَ النَّجَابَةْ
هُمْ حُمَاةُ الدِّينِ أَبْطَالُ الرَّدَى بَلْ غُيُوثُ البَذْلِ بَلْ آسَادُ غابَةْ
حُبُّهُمْ دِينٌ ومَنْ يُبْغِضْهُمُوا ربُّنا في نارِهِ الأخْرَى أذَابهَْ
(غُيُوثُ جمع: غيث: وهو المطر، والمعنى أنهم كثيرو البذل).
• فضائل الصحابة من كتاب الله - عز وجل -:
١ - قال الله - عز وجل -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة:١٤٣).
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} أي: عدلًا خيارًا، فجعل الله - عز وجل - هذه الأمة، وسطًا في كل أمور الدين، وسطا في الأنبياء، بين من غلا فيهم، كالنصارى، وبين من جفاهم، كاليهود، بأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك.
ووسطًا في الشريعة، لا تشديدات اليهود وآصارهم، ولا تهاون النصارى.
وفي باب الطهارة والمطاعم طهارتهم أكمل طهارة وأتمها، وأباح الله - عز وجل - لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح، وحرم عليهم الخبائث من ذلك، لا كاليهود الذين لا تصح لهم صلاة إلا في بيعهم وكنائسهم، ولا يطهرهم الماء من النجاسات، وقد حرمت عليهم الطيبات، عقوبة لهم، ولا كالنصارى الذين لا ينجسون شيئًا، ولا يحرمون شيئًا.
فلهذه الأمة من الدين أكمله، ومن الأخلاق أجلها، ومن الأعمال أفضلها.