ووهبهم الله من العلم والحلم، والعدل والإحسان، ما لم يهبه لأمة سواهم، فلذلك كانوا {أُمَّةً وَسَطًا} ليكونوا {شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} بسبب عدالتهم وحكمهم بالقسط، يحكمون على الناس من سائر أهل الأديان، ولا يحكم عليهم غيرهم، فما شهدت له هذه الأمة بالقبول، فهو مقبول، وما شهدت له بالرد، فهو مردود.
فإن شك شاكٌّ في فضلها، وطلب مزكيًا لها، فهو أكمل الخلق، نبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم -، فلهذا قال تعالى:{وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}.
ومن شهادة هذه الأمة على غيرهم، أنه إذا كان يوم القيامة، وسأل الله المرسلين عن تبليغهم، والأمم المكذبة عن ذلك، وأنكروا أن الأنبياء بلّغَتْهم، استشهدَ الأنبياء بهذه الأمة، وزكاها نبيها - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وفي الآية دليل على أن إجماع هذه الأمة، حجة قاطعة، وأنهم معصومون عن الخطأ، لإطلاق قوله:{وَسَطًا} فلو قدر اتفاقهم على الخطأ، لم يكونوا وسطًا، إلا في بعض الأمور.
وقوله:{لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} يقتضي أنهم إذا شهدوا على حكم أن الله أحله أو حرمه أو أوجبه، فإنها معصومة في ذلك.
والآية وإن كانت فى حق سائر الأمة فإن الصحابة - رضي الله عنهم - هم المشافَهون بهذا الخطاب.
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: «يخبر - عز وجل - عن رضاه عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، ورضاهم عنه بما أعدَّ لهم من جنات النعيم، والنعيم المقيم.