للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان بعض العلماء قد جاوز المائة سنة وهو ممتَّعٌ بقوَّتِه وعقله، فوثب يومًا وثبةً شديدةً، فعُوتِبَ في ذلك، فقال: هذه جوارحُ حفظناها عَنِ المعاصي في الصِّغر، فحفظها الله علينا في الكبر.

وعكس هذا أنَّ بعض السَّلف رأى شيخًا يسأل الناسَ، فقال: إنَّ هذا ضيَّع الله في صغره، فضيَّعه الله في كبره.

• وَكَانَ أَبُوْهُمُا صَالِحًا:

وقد يحفظُ الله العبدَ بصلاحه بعدَ موته في ذريَّته كما قيل في قوله تعالى: {وَكَانَ أَبُوْهُمُا صَالِحًا} (الكهف:٨٢):أنَّهما حُفِظا بصلاح أبيهما.

قال عمرُ بن عبد العزيز: ما من مؤمن يموتُ إلاَّ حفظه الله في عقبه وعقبِ عقبه.

ومتى كان العبد مشتغلًا بطاعة الله، فإنَّ الله يحفظه في تلك الحال؛ ففي (مسند الإمام أحمد عَنْ حُمَيْدٍ بْنَ هِلَالٍ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مِنْ الطُّفَاوَةِ طَرِيقُهُ عَلَيْنَا فَأَتَى عَلَى الْحَيِّ فَحَدَّثَهُمْ، قَالَ: «قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي عِيرٍ لَنَا فَبِعْنَا بِيَاعَتَنَا ثُمَّ قُلْتُ لَأَنْطَلِقَنَّ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَلَآتِيَنَّ مَنْ بَعْدِي بِخَبَرِهِ، قَالَ: فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَإِذَا هُوَ يُرِينِي بَيْتًا.

قَالَ: «إِنَّ امْرَأَةً كَانَتْ فِيهِ فَخَرَجَتْ فِي سَرِيَّةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَتَرَكَتْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ عَنْزًا لَهَا وَصِيصِيَتَهَا كَانَتْ تَنْسِجُ بِهَا، قَالَ: «فَفَقَدَتْ عَنْزًا مِنْ غَنَمِهَا وَصِيصِيَتَهَا فَقَالَتْ: يَا رَبِّ إِنَّكَ قَدْ ضَمِنْتَ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِكَ أَنْ تَحْفَظَ عَلَيْهِ، وَإِنِّي قَدْ فَقَدْتُ عَنْزًا مِنْ غَنَمِي وَصِيصِيَتِي وَإِنِّي أَنْشُدُكَ عَنْزِي وَصِيصِيَتِي»

قَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَذْكُرُ شِدَّةَ مُنَاشَدَتِهَا لِرَبِّهَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -:

«فَأَصْبَحَتْ عَنْزُهَا وَمِثْلُهَا وَصِيصِيَتُهَا وَمِثْلُهَا» (إسناده صحيح).

والصيصية: هي الصِّنارة التي يُغزل بها ويُنسج.

فمن حفظ الله حَفِظَهُ الله من كُلِّ أذى.

<<  <  ج: ص:  >  >>