فقال ابن حجر:«أنت مع تعاستك وبؤسك تعد في جنة، لما ينتظرك في الآخرة من عذاب أليم ـ إن مِتَّ كافرًا ـ. وأنا مع هذه الأبهة ـ إن أدخلني الله الجنة ـ فهذا النعيم الدنيوي يعد سجنا بالمقارنة مع النعيم الذي ينتظرني في الجنات».
فقال اليهودي: أكذلك؟
قال: نعم.
فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.
٩ - مصاحبة الأخيار والرفقة الصالحة:
ولا يستطيع أحد أن ينكر أثر القرين على قرينه، فهو مشهود، ومجرب، وواضح من خلال الواقع، ومن خلال التاريخ.
ولذلك قال الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً»(متفق عليه).
١٠ - أن تعلم أن أذى الناس خير لك ووبال عليهم:
قال إبراهيم التيمي:«إن الرجل ليظلمني، فأرحمه».
ويروى أن الإمام ابن تيمية - رحمه الله - أساء إليه عدد من العلماء وعدد من الناس، وسجن في الإسكندرية، فلما خرج، قيل له: أتريد أن تنتقم ممن أساء إليك؟ فقال:«قد أحللت كل من ظلمني، وعفوت عنه» تحية طيبة وبعد
أحَلَّهم جميعًا؛ لأنه يعلم أن ذلك سعادة له في الدنيا والآخرة.
ويحكي الفضيل بن عياض: أنه كان في الحرم، فجاء خراساني يبكي، فقال له: لماذا تبكي؟ قال: فقدت دنانير، فعلمت أنها سرقت مني، فبكيت.
قال: أتبكي من أجل الدنانير؟ قال: لا، لكني بكيت، لعلمي أني سأقف بين يدي الله أنا وهذا السارق، فرحمت السارق، فبكيت.
وبلغ أحد السلف أن رجلًا اغتابه، فبحث عن هدية جميلة ومناسبة، ثم ذهب إلى الذي اغتابه، وقدم إليه الهدية، فسأله عن سبب الهدية.