للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ»، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى»، قُلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارُنَا وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَوْلُهُ: «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى» (رواه البخاري).

عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمْرَضُ إِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»، وَكَانَ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ أَخَذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ. (رواه البخاري ومسلم).

واختلف العلماء في مراده - صلى الله عليه وآله وسلم - بالرفيق الأعلى على أقوال، فقيل: الله - عز وجل -، وقيل: ملائكته، وقيل: أنبياؤه، وقيل: الجنة، ولكل منها دليل.

• وصايا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في مرض وفاته:

لا ريب أن أقوال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جميعًا موضع للعبرة والعظة، لكنه - صلى الله عليه وآله وسلم - اختص أمته ببعض النصح وهو في مرض موته، وهو مقبل على الآخرة مدبر عن الدنيا، فما هي آخر وصاياه - صلى الله عليه وآله وسلم -؟

عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسْجِدًا» قَالَتْ: «وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبْرَزُوا قَبْرَهُ غَيْرَ أَنِّي أَخْشَى أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا» (رواه البخاري ومسلم).

وقد ذكر ابْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِإِخْرَاجِ ِالْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ. (رواه البخاري ومسلم).

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِمِلْحَفَةٍ قَدْ عَصَّبَ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الْأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>