للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي «الصحيحين» عن أبي ذرٍّ، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ العمل أفضلُ؟ قال: «إيمَانٌ بِاللهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ».

وفيهما عن أبي هُريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -، قال: «أفْضَلُ الأعْمَالِ إيمانٌ بِاللهِ، ثُمَّ جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ».والأحاديث في هذا المعنى كثيرةٌ جدًا.

ولستُ أبالي حين أُقتَلُ مسلماٌ على أي جنبٍ كان في اللهِ مصرعِي

وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإنْ يَشَأ يُبارِكْ علَى أوصالِ شِلوٍ مُمَزَّعِ

• أصلُ الخير كُلّه كفَّ اللسان وضبطه وحبسه:

وقوله: «ألا أُخْبِرُكَ بملَاكِ ذلِكَ كُلِّه» قلتُ: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه فقال: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا» إلى آخر الحديث. هذا يدلُّ على أنَّ كفَّ اللسان وضبطه وحبسه هو أصلُ الخير كُلِّه، وأنَّ من ملك لسانه، فقد ملك أمره وأحكمه وضبطه، وقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» (رواه البخاري ومسلم).

• حصائد الألسنة:

والمرادُ بحصائد الألسنة: جزاءُ الكلام المحرَّم وعقوباته؛ فإنَّ الإنسانَ يزرع بقوله وعمله الحسنات والسَّيِّئات، ثم يَحصُدُ يومَ القيامة ما زرع، فمن زرع خيرًا من قولٍ أو عملٍ حَصَد الكرامةَ، ومن زرع شرًَّا مِنْ قولٍ أو عملٍ حصد غدًا النَّدامة.

لسانُك لا تذْكُرْ به عَوْرةَ امرِءٍ فكُلّكَ عوْراتُ وللناسِ ألسُنُ

وعينُك إنْ أبْدَتْ إليكَ مَعَائِبًا فَصُنْها وقُلْ يا عَيْنُ للناسِ أعيُنُ

وعاشِرْ بمعروفٍ وسامِحْ مَن اعتدَى وفارِق ولكنْ بالتي هيَ أحسنُ

وظاهرُ حديثِ معاذ يدلُّ على أنَّ أكثر ما يدخل النَّاسُ به النار النُّطقُ بألسنتهم، فإنَّ معصية النُّطق يدخل فيها الشِّركُ وهو أعظمُ الذنوب عندَ الله - عز وجل -، ويدخل فيها القولُ على الله بغير علم، وهو قرينُ الشِّركِ، ويدخلُ فيه شهادةُ الزُّور، ويدخلُ فيها السِّحر والقذفُ، وغيرُ ذلك مِنَ الكبائر كالكذب والغيبةِ والنَّميمة، وسائرُ المعاصي الفعلية لا يخلو غالبًا من قول يقترن بها يكون معينًا عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>