للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَرَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ».

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ؟

قَالَ: «وَلَا صَاحِبُ بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، لَا يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ وَلَا جَلْحَاءُ وَلَا عَضْبَاءُ، تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ» (رواه مسلم)

(بُطِحَ) قَالَ جَمَاعَة: مَعْنَاهُ: أُلْقِيَ عَلَى وَجْهه، قَالَ الْقَاضِي: قَدْ جَاءَ فِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ «يُخْبَط وَجْهُهُ بِأَخْفَافِهَا»، قَالَ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْط الْبَطْح كَوْنه عَلَى الْوَجْه، وَإِنَّمَا هُوَ فِي اللُّغَة بِمَعْنَى الْبَسْط وَالْمَدّ، فَقَدْ يَكُون عَلَى وَجْهه، وَقَدْ يَكُون عَلَى ظَهْرِهِ. الْقَاع: الْمُسْتَوِي الْوَاسِع مِنْ الْأَرْض. وَالْقَرْقَر: الْمُسْتَوِي الْوَاسِع مِنْ الْأَرْض. الْعَقْصَاء: مُلْتَوِيَة الْقَرْنَيْنِ، وَالْجَلْحَاء: الَّتِي لَا قَرْن لَهَا، وَالْعَضْبَاء: الَّتِي اِنْكَسَرَ قَرْنهَا الدَّاخِل. (أَوْفَرَ مَا كَانَتْ): أَعْظَم مَا كَانَتْ، هَذَا لِلزِّيَادَةِ فِي عُقُوبَته بِكَثْرَتِهَا وَقُوَّتهَا وَكَمَال خَلْقهَا، فَتَكُون أَثْقَل فِي وَطْئِهَا، كَمَا أَنَّ ذَوَات الْقُرُون تَكُون بِقُرُونِهَا لِيَكُونَ أَنْكَى وَأَصْوَبَ لِطَعْنِهَا وَنَطْحهَا. (لَا يَفْقِد مِنْهَا فَصِيلًا وَاحِدًا):الفصيل: ولد الناقة أو البقرة بعد فطامه وفصله عن أمه. (وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا) الظِّلْف لِلْبَقَرِ وَالْغَنَم وَالظِّبَاء، وَهُوَ الْمُنْشَقّ مِنْ الْقَوَائِم، وَالْخُفّ لِلْبَعِيرِ، وَالْقَدَم لِلْآدَمِيِّ، وَالْحَافِر لِلْفَرَسِ وَالْبَغْل وَالْحِمَار.

أهلكتَ نفسكَ يا ظلومُ ... بما ادَّخَرْتَ مِن المظالمْ

أظَنَنْتَ أنّ المالَ لا ... يفْنَى، وأنَّ المُلكَ دائِمْ

هيهاتَ، أنتَ وما جمَعْتَ ... كِلاكُما أحلامُ نائمْ

تَفْنَى، ويَفْنَى، والذِي ... يَبْقَى الخَطايَا والمآثِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>