للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَال: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «لاَ أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً».

(رواه أبو داود وصححه الألباني).

(ضَرِير الْبَصَر): أَيْ أَعْمَى. (شَاسِع الدَّار): أَيْ بَعِيد الدَّار.

(وَلِي قَائِد): الْقَائِد هُوَ الَّذِي يُمْسِك يَد الْأَعْمَى وَيَأْخُذهَا وَيَذْهَب بِهِ حَيْثُ شَاءَ وَيَجُرّهُ. (لَا يُلَائِمنِي):أَيْ لَا يُوَافِقنِي وَلَا يُسَاعِدنِي.

(هَلْ تَسْمَع النِّدَاء): أَيْ الْإِعْلَام وَالتَّأْذِين بِالصَّلَاةِ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ حُضُور الْجَمَاعَة وَاجِب وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ نَدْبًا لَكَانَ أَوْلَى مَنْ يَسَعهُ التَّخَلُّف عَنْهَا أَهْل الضَّرَر وَالضَّعْف، وَمَنْ كَانَ فِي مِثْل حَال اِبْن أُمّ مَكْتُوم.

وَكَانَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح يَقُول: لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْق الله فِي الْحَضَر وَالْقَرْيَة رُخْصَة إِذَا سَمِعَ النِّدَاء فِي أَنْ يَدَع الصَّلَاة جَمَاعَة.

وَكَانَ أَبُو ثَوْر يُوجِب حُضُور الْجَمَاعَة: وَاحْتَجَّ هُوَ وَغَيْره بِأَنَّ الله - عز وجل - أَمَرَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وآله وسلم - أَنْ يُصَلِّيَ جَمَاعَة فِي صَلَاة الْخَوْف وَلَمْ يَعْذُر فِي تَرْكهَا فَعُقِلَ أَنَّهَا فِي حَال الْأَمْن أَوْجَب.

وقد عدّ بعض العلماء من الكبائر ترك الجماعة فيصلي وحده من غير عذر.

ويُخشَى والعياذ بالله من عدم قبول صلاة تارك الجماعة فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ». (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).

قال السندي في حاشيته على (سنن ابن ماجه): «وَظَاهِر هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد الَّذِي سَمِعَ نِدَاءَهُ فَرْض لِصِحَّةِ الصَّلَاة حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا بَطَلَتْ صَلَاته».

وَذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن من قال من الأئمة إن صلاة الجماعة وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ تَنَازَعُوا فِيمَا إذَا صَلَّى مُنْفَرِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؟

عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ. وَالثَّانِي تَصِحُّ مَعَ إثْمِهِ بِالتَّرْكِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>