للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخلت الجزيرة العربية بأكملها في دين الله، وبدأ الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في بعث الرسل إلى البلاد المجاورة. ووضع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الأسس الخالدة التي قامت عليها الفتوحات الإسلامية، مثل عدم الاعتداء على المدنيين، وعدم قطع شيء من النبات بلا فائدة، والعفو والصفح عند المقدرة.

٣ـ فتح (البويب) في السنة ١٣ هجرية:

لما سمع أمراء الفرس بكثرة جيوش المثنى بن حارثة، بعثوا إليه جيشا آخر مع رجل يقال له: مهران. فتوافَوا هم وإياهم بمكان يقال له: البويب قريب من مكان الكوفة اليوم، وبينهما الفرات وأقام بمكانه حتى كاتبه مهران: إما أن تعبروا إلينا وإما أن نعبر إليكم، فقال المثنى: اعبروا فعبَر مهران فنزل على شاطئ الفرات، وذلك في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة.

فعزم المثنى على المسلمين في الفطر ليقووا بالطعام على قتال العدو فأفطروا عن آخرهم، وعبأ الجيش، وخرج يطوف في صفوفه يعهد إليهم عهده وهو على فرسه، فوقف كل راية من رايات الأمراء القبائل ويعظهم ويحثهم على الجهاد والصبر والصمت والثبات.

وقال المثنى لهم: إني مكبر ثلاث تكبيرات فتهيأوا، فإذا كبرت الرابعة فاحملوا. فقابلوا قوله بالسمع والطاعة والقبول. فلما كبر أول تكبيرة عاجلتهم الفرس فحملوا حتى غالقوهم، واقتتلوا قتالا شديدًا، وركدت الحرب.

ورأى المثنى في بعض صفوفه خللا، فبعث إليهم رجلا يقول: الأمير يقرأ عليكم السلام ويقول لكم: لا تفضحوا المسلمين اليوم؛ فاعتدلوا.

وجعل المثنى والمسلمون يدعون الله بالظفر والنصر، فلما طالت مدة الحرب جمع المثنى جماعة من أصحابه الأبطال يحمون ظهره، وحمل على مهران فأزاله عن موضعه حتى دخل الميمنة، وقُتِلَ مهرانُ، وهربت المجوس وركب المسلمون أكتافهم بقية

<<  <  ج: ص:  >  >>