للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ»، فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ».

قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: «يَا رَسُولَ اللهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ؟». قَالَ: «نَعَمْ».قَالَ: «بَخٍ بَخٍ».

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟».

قَالَ: «لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا».

قَالَ: «فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا».

فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ: «لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ»، قَالَ: فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ التَّمْرِ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ». (رواه مسلم).

قَوْله - صلى الله عليه وآله وسلم -: (لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَد مِنْكُمْ إِلَى شَيْء حَتَّى أَكُون أَنَا دُونه) أَيْ: قُدَّامه مُتَقَدِّمًا فِي ذَلِكَ الشَّيْء لِئَلَّا يَفُوت شَيْء مِنْ الْمَصَالِح الَّتِي لَا تَعْلَمُونَهَا.

قَوْله: (بَخٍ بَخٍ) هِيَ: كَلِمَة تُطْلَق لِتَفْخِيمِ الْأَمْر وَتَعْظِيمه فِي الْخَيْر.

قَوْله: (لَا وَاللهُ يَا رَسُول اللهِ إِلَّا رَجَاءَة أَنْ أَكُون مِنْ أَهْلهَا).

مَعْنَاهُ: وَاللهُ مَا فَعَلْته لِشَيْءٍ إِلَّا لِرَجَاءِ أَنْ أَكُون مِنْ أَهْلهَا.

(فَأَخْرَجَ تَمَرَات مِنْ قَرَنه) جُعْبَة النُّشَّاب.

(لَئِنْ أَنَا حَيِيت حَتَّى آكُل تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاة طَوِيلَة فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ التَّمْر ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ) فِيهِ: جَوَاز الِانْغِمَار فِي الْكُفَّار، وَالتَّعَرُّض لِلشَّهَادَةِ، وَهُوَ جَائِز بِلَا كَرَاهَة عِنْد جَمَاهِير الْعُلَمَاء.

٢ـ فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة:

ففي رمضان في السنة الثامنة للهجرة تحقق أكبر فتح للمسلمين وهو فتح مكة المعقل الأكبر للشرك آنئذ. وكان لهذا الفتح أثر كبير في تاريخ البشرية، فقد قضى على الأوثان والشرك في مكة تمامًا، وتسابقت الشعوب والقبائل إلى الدخول في الإسلام،

<<  <  ج: ص:  >  >>