للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى وقع دماء اليوم التي ما زالت تسيل أعود لأذكر بدماء زكية طاهرة سالت بالأمس وآلت هذه السيول إلى العز والتمكين ليكون هذا التذكير بإذن الله فيه النفع للمسلمين:

١ـ غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة:

ففي صبيحة سبع عشرة من رمضان من السنة الثانية للهجرة خرج المسلمون بقيادة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ليعترضوا قافلة لقريش يقودها أبو سفيان، ولكن أبا سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل واستنفر أهل مكة، فخرجوا لمحاربة المسلمين والتقى الجمعان في بدر في السابع عشر من رمضان سنة اثنتين للهجرة، ونصر الله رسوله والمؤمنين رغم قلة عددهم وعدتهم فقد كانوا ثلاثمائة وسبعة عشر وكان المشركون أكثر من ألف.

وأثمرت نتائج النصر ثمارًا كثيرة، فقد ارتفعت معنويات المسلمين وعلت مكانتهم عند القبائل التي لم تسلم بعد، واهتزت قريش في أعماقها وخسرت كبار صناديدها وأعمدة الكفر فيها، وأخذت تعد للثأر والانتقام. وخلال سنة تحققت للمسلمين في المدينة عوامل أمن خارجية وداخلية فقبائل غطفان وسليم التي كانت تعد لمهاجمة المسلمين بلغها انتصار المسلمين في بدر وتحركهم بعد ذلك لضربها، فخافت وتركت ديارها وخلفت غنائم كثيرة للمسلمين، كما أجلي بنو قينقاع إحدى قبائل اليهود لكيدهم بالمسلمين وعدوانيتهم.

كانت تلك الغزوة فرقانا بين الحق والباطل، تلك الغزوة التي جعلت للمسلمين كيانًا مهابًا وجانبًا مصونًا. وبعد هذه الغزوة أصبح للمسلمين كيانًا ماثلًا لأعين الكفار يحسبون له ألف حساب ولا يجرؤون على تجاهله، بعد أن كانوا مستضعفين لا يكترث بهم بل ويستهان بهم، أصبحوا بعدها قوة ضاربة يهابها الكفار. فكانت تلك الحادثة عرسًا حقيقيًا في رمضان وفرحًا صادقًا للمسلمين في شهر الفرقان.

موقف:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ سدد خطاكم: «انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَا يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>