للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم: «معاشرَ المسلمين، أنا أنشدكم بالله وبحقي عليكم من كانت له قِبَلي مظلمة فلْيَقُمْ فليقْتَصّ مني». فلم يقم إليه أحد، فناشدهم الثانية، فلم يقم أحد، فناشدهم الثالثة: «معاشر المسلمين أنشدكم بالله وبحقي عليكم من كانت له قِبَلي مظلمة فلْيَقُمْ فليقْتَصّ مني قبل القصاص في القيامة».

فقام من بين المسلمين شيخ كبير يقال له عكاشة، فتخطى المسلمين حتى وقف بين يدي رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، فقال: «فداك أبي وأمي، لولا أنك ناشدتنا مرة بعد أخرى ما كنتُ بالذي يُقْدِم على شيء من هذا، كنت معك في غزاة فلما فتح الله - عز وجل - علينا ونصر نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم -، وكنا في الانصراف حاذت ناقتي ناقتك، فنزلتُ عن الناقة ودنوتُ منك لأقَبّل فخدك، فرفعْتَ القضيب فضربْتَ خاصرتي، ولا أدري أكان عمدًا منك أم أردتَ ضرب الناقة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أعيذُك بجلال الله أن يَتعمد رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - بالضرب، يا بلال انطلق إلى منزل فاطمة وائتني بالقضيب المَمْشُوق». فخرج بلال ويده على أم رأسه وهو ينادي: «هذا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يعطي القصاص من نفسه»، فقرع الباب على فاطمة، فقال: «يا بنت رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - ناوليني القضيب الممشوق»، فقالت فاطمة: «يا بلال، وما يصنع أبي بالقضيب، وليس هذا يوم حج ولا غزاة»، فقال: «يا فاطمة ما أغفلك عما فيه أبوكِ، إن رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يودع الدين ويفارق الدنيا ويعطي القصاص من نفسه»، فقالت فاطمة - رضي الله عنها -: «يا بلال، ومن ذا الذي تطيب نفسه أن يقتص من رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ يا بلال إذن فقل للحسن والحسين يقومان إلى هذا الرجل، فيقتص منهما ولا يدَعانه يقتص من رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -»، فدخل بلال المسجد ودفع القضيب إلى رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، ودفع رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - القضيب إلى عكاشة، فلما نظر أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - إلى ذلك قاما فقالا: «يا عكاشة هذان نحن بين يديك فاقتص منا ولا تقتص من رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -»، فقال لهما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «امْضِ يا أبا بكر، وأنت يا عمر فامضِ، فقد عرف الله مكانكما ومقامكما».

فقام علي بن أبي طالب فقال: «يا عكاشة أنا في الحياة بين يدي رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا تطيب نفسي أن يُضرب رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، فهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>