للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهري وبطني اقتص مني بيدك واجلدني مائة، ولا تقتص من رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -»، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «يا علي، اقعد فقد عرف الله - عز وجل - مقامك ونيتك». وقام الحسن والحسين - رضي الله عنهما - فقالا: «يا عكاشة، أليس تعلم أنا سِبْطَا رسول اللهِ؟ فالقصاص منا كالقصاص من رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -»، فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «اقعدا يا قُرة عيني لا نَسِيَ الله لكما هذا المقام». ثم قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «يا عكاشة اضرب إن كنت ضَاربًا». فقال: «يا رسول الله ضربتني وأنا حاسر عن بطني»، فكشف عن بطنه - صلى الله عليه وآله وسلم -، وصاح المسلمون بالبكاء، وقالوا: «أترى يا عكاشة ضارب رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -»، فلما نظر عكاشة إلى بياض بطن رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - كأنه القباطي (١)،

لم يملك أن كبّ عليه وقبّل بطنه وهو يقول: «فداءٌ لك أبي وأمي، ومن تطيق نفسه أن يقتص منك؟»، فقال له النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إمَّا أن تضرب وإمَّا أن تعفو». فقال: «قد عفوت عنك رجاءً أن يعفو الله عني يوم القيامة»، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من أراد أن ينظر إلى رفيقي في الجنة فلينظر إلى هذا الشيخ».

فقام المسلمون فجعلوا يقبلون ما بين عيني عكاشة، ويقولون: «طوباك، طوباك، نلت الدرجات العلى ومرافقة رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، فمرض رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - من يومه فكان مريضًا ثمانية عشر يومًا يعوده الناس، وكان - صلى الله عليه وآله وسلم - ولد يوم الاثنين، وبعث يوم الاثنين، وقبض يوم الاثنين، فلما كان في يوم الأحد ثقل في مرضه، فأذن بلال بالأذان، ثم وقف بالباب فنادى: «السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله الصلاة رحمك الله»، فسمع رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - صوت بلال فقالت فاطمة - رضي الله عنها -: «يا بلال، إن رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - مشغول بنفسه»، فدخل بلال المسجد، فلما أسفر الصبح قال: «والله لا أقيمها أو أستأذن سيدي رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، فرجع فقام بالباب ونادى السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الصلاة يرحمك الله»، فسمع رسول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - صوت بلال فقال: «أدخل يا بلال، إن رسول الله مشغول بنفسه، مُر أبا بكر يُصلِّ بالناس».


(١) القُبْطِيَّةُ: ثياب بِيْضٌ من كَتَّانٍ، والجميع قَبَاطِيٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>