الموت:«من بقي يا ملك الموت؟» - وهو أعلم -، فيقول:«مولاي وسيدي أنت أعلم بمن بقي، بقي عبدك الضعيف ملك الموت»، فيقول الجبار - عز وجل -: «وعزتي وجلالي لأذيقنك ما أذقت عبادي انطلق بين الجنة والنار ومُتْ» , فينطلق بين الجنة والنار فيصيح صيحة لولا أن الله - تبارك وتعالى - أمات الخلائق لَمَاتوا عن آخرهم من شدة صيحته فيموت. ثم يطلع الله - تبارك وتعالى - إلى الدنيا فيقول:«يا دنيا أين أنهارك، أين أشجارك، وأين عُمارُك؟ أين الملوك وأبناء الملوك وأين الجبابرة وأبناء الجبابرة؟ أين الذين أكلوا رزقي وتقلبوا في نعمتي وعبدوا غيري , لمن الملك اليوم؟»، فلا يجيبه أحد.
٩٢٨ - بكى شعيب النبي؛ من حب الله - عز وجل - حتى عَمِيَ، فرَدَّ الله إليه بصره، وأوحى إليه:«يا شعيب ما هذا البكاء؟! أشوقًا إلى الجنة أم خوفًا من النار؟»، قال:«إلهي وسيدي أنت تعلم ما أبكي شوقًا إلى جنتك ولا خوفًا من النار، ولكني اعتقدت حبك بقلبي، فإذا أنا نظرتُ إليك فما أبالي ما الذي صُنع بي، فأوحى الله - عز وجل - إليه: «يا شعيب إن يَكُ ذلك حقًا فهنيئًا لك لقائي يا شعيب! ولذلك أخدمتك موسى بن عمران كَلِيمِي»(١).
(١) قال الألباني: «ومما يُنْكَر في هذا الحديث قوله: «ما أبكي شوقًا إلى جنتك، ولا خوفًا من النار»! فإنها فلسفة صوفية، اشتهرت بها رابعة العدوية، إن صح ذلك عنها، فقد ذكروا أنها كانت تقول في مناجاتها: «رب! ما عبدتُك طمعًا في جنتك ولا خوفًا من نارك». وهذا كلام لا يصدر إلا ممن لم يعرف الله - تبارك وتعالى - حق معرفته، ولا شعر بعظمته وجلاله، ولا بجوده وكرمه، وإلا لتعبده طمعًا فيما عنده من نعيم مقيم، ومن ذلك رؤيته تبارك وتعالى وخوفًا مما أعده للعصاة والكفار من الجحيم والعذاب الأليم، ومن ذلك حرمانهم النظر إليه كما قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (المطففين: ١٥)، ولذلك كان الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - وهم العارفون بالله حقًا - لا يناجونه بمثل هذه الكلمة الخيالية، بل يعبدونه طمعًا في جنته - وكيف لا وفيها أعلى ما تسمو إليه النفس المؤمنة، وهو النظر إليه سبحانه، ورهبةً من ناره، ولم لا وذلك يستلزم حرمانهم من ذلك، ولهذا قال تعالى بعد ذكر نخبة من الأنبياء: ... = ... = {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (الأنبياء: ٩٠)، ولذلك كان نبينا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - أخشى الناس لله، كما ثبت في غير ما حديث صحيح عنه. هذه كلمة سريعة حول تلك الجملة العدوية، التي افتتن بها كثير من الخاصة فضلا عن العامة، وهي في الواقع {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً} ... (النور: ٣٩)» (انظر السلسلة الضعيفة رقم ٩٩٨).