للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلتُ، وإن شئتَ نبيًّا ملَكًا، وإن شئتَ نبيًّا عبدًا، فأومى إليه جبريل - عليه السلام -: أن تواضع لله، فقال: «بل نبيًّا عبدًا» ثلاثًا (١).

٩٣١ - بَلْ هُوَ الرّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ»، رُوِيَ أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - نَزَلَ بِأَدْنَى مَاءٍ مِنْ بَدْرٍ. فقال الْحُبَابَ بْنَ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ: «يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَنْزِلَ أَمَنْزِلًا أَنْزَلَكَهُ اللهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدّمَهُ وَلَا نَتَأَخّرَ عَنْهُ، أَمْ هُوَ الرّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ قَالَ: «بَلْ هُوَ الرّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ»، فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلِ فَانْهَضْ بِالنّاسِ حَتّى نَأْتِيَ أَدْنَى مَاءٍ مِنْ الْقَوْمِ، فَنَنْزِلَهُ ثُمّ نُغَوّرُ مَا وَرَاءَهُ مِنْ الْقُلُبِ (٢)، ثُمّ نَبْنِي عَلَيْهِ حَوْضًا فَنَمْلَؤُهُ مَاءً، ثُمّ نُقَاتِلُ الْقَوْمَ فَنَشْرَبُ وَلَا يَشْرَبُونَ»، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَقَدْ أَشَرْتَ بِالرّأْيِ». فَنَهَضَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَمَنْ مَعَهُ مِنْ النّاسِ فَسَارَ حَتّى إذَا أَتَى أَدْنَى مَاءٍ مِنْ الْقَوْمِ نَزَلَ عَلَيْهِ ثُمّ أَمَرَ بِالْقُلُبِ فَغُوّرَتْ وَبَنَى حَوْضًا عَلَى الْقَلِيبِ الّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ فَمُلِئَ مَاءً ثُمّ قَذَفُوا فِيهِ الْآنِيَةَ.

٩٣٢ - بل هي حلال إذا نحن خمَّسنا»، رُوِيَ عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - في قول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (الطلاق: ٢ - ٣)، قال: نزلت هذه الآية في ابن لعوف بن مالك الأشجعي وكان المشركون أسروه وأوثقوه وأجاعوه فكتب إلى أبيه أن ائت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فأعْلِمْه ما أنا فيه من الضيق والشدة، فلما أخبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال له رسول الله: «اكتب إليه ومُرْهُ بالتقوى والتوكل على الله، وأن يقول عند صباحه ومسائه {لَقَدْ جَاءَكُمْ


(١) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ سدد خطاكم قَالَ: جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: «إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ»، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ: «يَا مُحَمَّدُ أَرْسَلَنِى إِلَيْكَ رَبُّكَ، أَفَمَلَكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ، أَوْ عَبْدًا رَسُولًا»، قَالَ جِبْرِيلُ: «تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ». قَالَ: «بَلْ عَبْدًا رَسُولًا». (رواه الإمام أحمد وصححه الألباني).
(٢) القَليب: البئر، والجمع أَقْلِبَة وقُلُب.

<<  <  ج: ص:  >  >>