فإن من الأمور التي ينبغي على الخطيب أن يفطن لها أن يكون ذا تواضع ينظر إلى الناس بعين الرحمة والشفقة يوقر الكبير ويرحم الصغير، يُذكر عن بكر بن عبد الله المزني أنه قال:«ما رأيت أكبر مني إلا قلتُ: هو خير مني سبقني إلى الطاعة، ولا رأيت أصغر مني إلا قلتُ: هو خير مني سبقتُه إلى المعصية».
إن السامعين ينفرون ممن يتعالى عليهم ويظهر أنه أعلى وأرفع منهم، وبالمقابل فإنهم يحبون المتواضعين الذي يحترمون الناس ويرحمونهم فعلى الخطيب الكريم أن يكون قدوة فيما يدعو الناس إليه، وليتذكر قول الشاعر:
وقفتُ للتذكيرِ ولو كنتُ منصفًا ... لذكّرْتُ نفسي فهي أحوجُ للذكرَى
إذا لم يكنْ منِّي لنفسي واعظٌ ... فيا ليتَ شعري كيف أفعلُ في الأخرَى
• أخي الخطيب:
إن إثارة الحمية الدينية لدى السامعين من الأمور الهامة في الخطبة فاعلم أن الخطيب الذي يثير السامعين بأسلوبه، ويهز مشاعرهم بخطابه، ويرجع ما يصيب الناس من المصائب والكوارث والابتلاء إلى ضعف الإيمان وانتهاك ما حرم الله ـ خطيب ناجح.
كما أن الخطيب الموفق هو الذي يثير حمية السامعين الدينية ويلفت انتباههم بأن ما يحصل للمسلمين من انحراف وتفرق وشرود عن النهج الصحيح يفرح أعداء الإسلام ويسرهم كثيرًا؛ وقد قال الله - عز وجل -: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا}(أل عمران:١٢٠)، وأي سيئة أعظم من تخلخل ارتباط المسلمين بإسلامهم، وأي سيئة أعظم من أن يتفرق المسلمون ويفسد ما بينهم إن هذا مما يبهج الأعداء ويفرحهم.
• الخطيب ووحدة الأمة:
الخطيب يجب أن يكون حريصًا على تآلف القلوب، ووحدة الأمة، واجتماع الكلمة، وعليه أن يبتعد عن كل ما مِن شأنه أن يفرق وحدة المسلمين، حتى ولو كان ما يقوله حقًا.