وكل إخلال بهذه الحقيقة إنما هو إخلال، وتقصير في فريضة، فكيف يأتي هذا التقصير من قبل الخطيب، وهو يعلم أن هذا من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة.
لذا فإن على الخطيب أن يحذر من كل سبب يؤدي إلى اهتزاز هذه الحقيقة في النفوس، وأن يجتنب كل عبارة أو فكرة تؤدي إلى زعزعتها، ومن ذلك:
١ - تخصيص شخص معين بالنقد.
٢ - تخصيص جماعة معينة بذلك.
٣ - تخصيص بلد أو جنسية معينة بالفساد وسوء الأحوال.
وهذا لا يقلل من شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يقصد به مداراة الفساد والمفسدين أيًا كانوا، فمما لا يخفى أن هذه المحاذير لا تحول بين الخطيب وبين الصدع بالحق، وهتك أستار الباطل، وتعرية المفسدين دون الحاجة إلى التعيين والتخصيص.
فهدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خير الهدي، وأكمله، وأنفعه، وقد كان من هديه - صلى الله عليه وآله وسلم - عدم التخصيص إلا عندما تدعو مصلحة شرعية راجحة لذلك.
والأحاديث في هذا الباب كثيرة ليس هنا مجال ذكرها، وهي دالة على أن هدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الحفاظ على مشاعر المسلمين، وعدم مواجهتهم باللوم، وعدم مجابهتهم بالتعنيف.
فتوسع بعض الخطباء في هذا المجال من منطلق الصدع بالحق، وعدم المداهنة فيه، لا يخلو من مخالفة لهدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في النصح، وعدم إحكام لفقه الموازنات، وترجيح المصلحة الشرعية، ودرء المفاسد.
• المبالغة في ذم الدنيا:
من الأساليب التي يلجأ إليها بعض الخطباء المبالغة والإفراط في ذم الدنيا مما يصور الإسلام بأنه يحارب العمل، والتجديد في الوسائل، ويحذر من الغنى، ويكره