للمسلم الاتساع في المكاسب، وهذا فهم خاطئ للإسلام، وإلا فكيف يحث الإسلام المسلم على الإنفاق، والبذل ويجعل يد الباذل هي العليا، ويحثه على تفريج الكربات، وعلى العمل الشريف إذا كان يذم هذا الأمر ويمقته.
إن الإسلام لا يذم الدنيا، بل يذم التكالب عليها، والغفلة بها عن الآخرة، ولا يذم المال بل يذم كسبه من الحرام، وتبذيره في الحرام، وإضاعته فيما لا يحل، ويذم الشح به، والحرص الشديد عليه، حتى يصبح المرء عبدًا له، كما قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ»(رواه البخاري).
فعلى الخطيب حين يعرض للكلام عن الدنيا، والغنى، والمال، أن يعرض موقف الإسلام من ذلك عرضًا كاملًا، مبينًا متى تُذم الدنيا، ومتى لا تُذم، ثم لا تكون كل خطبة مركزة على ذم الدنيا، والمال، وعلى الترغيب في الزهد، والحث عليه، بل يعطي كل ذي حق حقه، فقد قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حين قيل له:«ذهب أهل الدثور بالأجور ... »«ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ»(رواه البخاري ومسلم).
• التهويل في تصوير الواقع والإخبار عن الأحوال والأحداث المتعلقة بالأمة:
فيكبرها أحيانًا مئات المرات، ويصغرها أحيانًا أخرى مئات المرات، وتبرز مظاهر هذا التهويل في أمور منها:
١ - التهويل في وصف حال المسلمين ومدى ضعفهم، فيصل إلى حكم قاطع بأن الأمة لا شفاء لها من أمراضها، ولا يقظة لها من رقدتها، أو يحكم على المجتمعات عامة بالكفر أو الضلال ومحاربة الإسلام، وليستحضر قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ»(رواه البخاري ومسلم).