للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - التهويل في وصف حال غير المسلمين، وتصوير تلك المجتمعات بأنها تخلو من أي خير، وأنها مجتمعاتُ غابٍ، وأنها في غضون بضعة سنوات ستسقط وتدمر، والعدل يقتضي أن يذكر مفاسد هذه المجتمعات، وما آلت إليه دون أن يتجاوز الحقيقة في ذلك.

قال الله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (المائدة- ٨).

٣ - التهويل في جعل بعض الأمور عليها مدار عزة الأمة، وتركها هو السبب في ذل الأمة، ولا يعني هذا إهمال هذه الأمور، وعدم الاهتمام بها، لكن يجب أن نضع الأشياء حيث وضعها الشرع، ونحكم عليها بحكمه، فللإسلام أركان، وهناك واجبات، وسنن، وآداب، ومروءات، فالجهاد ليس كقص الشارب، والصلاة ليست كإعفاء اللحية، مع أن الكل من الدين.

لكن بعض الخطباء يجعل موضوع خطبته سنة من سنن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، أو يكون موضوع خطبته حول خُلُق من الأخلاق الإسلامية، فيسوق كل ما يستطيع من الأدلة، والقصص والأشعار وغير ذلك، ثم يربطه ربطًا غير موزون بحال الأمة، وأسباب هزائمها، وتأخرها عن ركب الأمم مما يرسخ في ذهن السامعين أن أسباب ذلك كله تنحصر في هذا الأمر بعينه، بل ربما قال ذلك صراحة.

٤ - التهويل في الربط بين الأحداث، بحيث يجعل كل مؤتمر وراءه مؤامرة، وكل خبر وراءه مكيدة، وكل جديد قصد به المكر والإفساد، وهكذا يتم الربط عشوائيًا، ودون مستند بين الأحداث صغيرها وكبيرها.

نعم لا ينكَر أن يكون المسلمون دائمي الحذر واليقظة، وأن لا يحسنوا الظن بعدوهم، وأن يكونوا على قدْر كبير من الوعي بالعالم من حولهم، والنظرة الثاقبة للأساليب الخفية التي تحاك لتدمير الأخلاق، وشيوع الفساد، لكن تهويل الأمور والوسوسة بكل شيء حوله ليس من الوعي في شيء، ولا من اليقظة في شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>