للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبواب الجنة الثمانية فلما كنت عند الباب أتيت بكِفّة فوُضِعْتُ فيها ووُضِعَتْ أمتي في كِفّة فرجَحْتُ بها، ثم أتي بأبي بكر فوُضِعَ في كِفّة وجِيء بجميع أمتي في كِفّة فوُضِعُوا فرجح أبو بكر، وجيء بعمر فوضع في كفة وجيء بجميع أمتي فوضعوا فرجح عمر (١). وعُرِضَتْ أمتي رجلًا رجلًا فجعلوا يمرون فاستبطأتُ عبد الرحمن بن عوف، ثم جاء بعد الإياس فقلت: «عبد الرحمن فقال: «بأبي وأمي يا رسول الله، والذي بعثك بالحق ما خلصتُ إليك حتى ظننتُ أني لا أنظر إليك أبدًا إلا بعد المُشَيِّبَات» (٢)، قال: «وما ذاك؟»، قال: «مِن كَثْرة مالي أحاسَبُ وأمَحَّصُ» (٣).


(١) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ سدد خطاكم أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ رُؤْيَا؟»، فَقَالَ رَجُلٌ: «أَنَا، رَأَيْتُ كَأَنَّ مِيزَانًا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ فَوُزِنْتَ أَنْتَ وَأَبُو بَكْرٍ فَرَجَحْتَ أَنْتَ بِأَبِي بَكْرٍ، وَوُزِنَ عُمَرُ وَأَبُو بَكْرٍ، فَرَجَحَ أَبُو بَكْرٍ، وَوُزِنَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَحَ عُمَرُ ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ»، فَرَأَيْنَا الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -. (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

وعَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: كَانَ يَقُولُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: «لَا يَمُوتُ عُثْمَانُ حَتَّى يُسْتَخْلَفَ»، قُلْنَا: «مِنْ أَيْنَ تَعْلَمُ ذَلِكَ؟»، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْحَابِي وُزِنُوا، فَوُزِنَ أَبُو بَكْرٍ فَوَزَنَ، ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ فَوَزَنَ، ثُمَّ وُزِنَ عُثْمَانُ فَنَقَصَ صَاحِبُنَا، وَهُوَ صَالِحٌ» (رواه الإمام أحمد في المسند، وقال الأرنؤوط: «إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وجهالة الصحابي لا تضر. . . وليس فيه أنهم وُزِنوا بالأمة».
قال السندي: «ولعل تخصيص الثلاثة لأن عليًّا - رضي الله تعالى عنه - ما تقرر له الأمر كما تقرر للثلاثة. (فَوَزَنَ) أي: رجح في الوزن. (فنَقَصَ) أي: في الوزن، لكن لا نقصانًا يخل في الصلاح، وإليه أشار بقوله: «وَهُوَ صَالِحٌ».
(٢) المُشَيِّبات: اسم فاعل من شَيَّبَه، أي: بعد العوارض التي تجعل الشابَّ شيخًا.
(٣) إن عبد الرحمن بن عوف سدد خطاكم قد شهد له النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالجنة دون ذكر التأخير أو الدخول زحفًا. قال ابن حجر الهيتمي: «ومما يدلك على ضعف هذا أن عبد الرحمن بن عوف أحد أصحاب بدر والحديبية وأحد العشرة وهم أفضل الصحابة» [مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٨/ ٣٥٩).
وقال ابن الجوزي: «أفَتُرَى مَن يسبق إذا حَبَا عبد الرحمن بن عوف، وهو من العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن أهل بدر المغفور لهم، ومن أصحاب الشورى؟».

<<  <  ج: ص:  >  >>