للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أمسك عليك زوجك» (١).

فما استطاع زيد إليها سبيلًا بعد ذلك اليوم فيأتي إلى رسول الله فيخبره، فيقول رسول الله: «أمسك عليك زوجك»، فيقول: «يا رسول الله، أفارقها»، فيقول رسول الله: «احبس عليك زوجك». ففارقها زيد واعتزلها وحَلّت، يعني انقضت عدتُها. قال: «فبينا رسول الله جالس يتحدث مع عائشة إلى أن أخذت رسول الله غشية فسُرّيَ عنه وهو يتبسم وهو يقول: «من يذهب إلى زينب يبشرها أن الله قد زوجَنِيها من السماء؟»، وتلا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} (الأحزاب: ٣٧).

قالت عائشة: «فأخذني ما قرب وما بعد لما يبلغنا من جمالها، وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها ما صنع لها ـ زَوَّجَها الله من السماء. وقلت: هي تفخر علينا بهذا» (٢). قالت عائشة: «فخرجتْ سلمى خادم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تشتد فتحدثها بذلك فأعطتها أوضاحًا عليها (٣).


(١) عَنْ أَنَسٍ سدد خطاكم قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ: «اتَّقِ اللهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ»، قَالَ أَنَسٌ: «لَوْ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ»، قَالَ: «فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - تَقُولُ: «زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ» (رواه البخاري).
(يشكو) أي سوء خلق زوجته معه. (كاتما شيئًا) مُخْفِيًا شيئًا مِن وَحْي الله تعالى لا يبلغه للناس. (هذه) أي هذه الآية لما فيها من العتاب له - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وقال الحافظ ابن حجر: «وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي كَانَ يُخْفِيهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - هُوَ إِخْبَارُ اللهِ إِيَّاهُ أَنَّهَا سَتَصِيرُ زَوْجَتَهُ وَالَّذِي كَانَ يَحْمِلُهُ عَلَى إِخْفَاءِ ذَلِكَ خَشْيَةَ قَوْلِ النَّاسِ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ ابْنِهِ وَأَرَادَ اللهُ إِبْطَالَ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ التَّبَنِّي بِأَمْرٍ لَا أَبْلَغُ فِي الْإِبْطَالِ مِنْهُ، وَهُوَ تَزَوُّجُ امْرَأَةِ الَّذِي يُدْعَى ابْنًا، وَوُقُوعُ ذَلِكَ مِنْ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ لِيَكُونَ أَدْعَى لِقَبُولِهِمْ» [فتح الباري لابن حجر (٨/ ٥٢٤)].
(٢) راجع الهامش السابق.
(٣) وفي القصة كما ترى طعنٌ في النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومن المؤسف أن الدكتورة عائشة عبد الرحمن ـ بنت الشاطئ ـ ذكرت هذه القصة دون ذِكْر ما يتعلق بعائشة - رضي الله عنها - ولم تلتفت إلى ضعف الرواية بل قالت: «قد نقلها إلينا رواة غير متهمين»، وحاولت تبرير إعجاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بزينب بأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - بشر، وقد صرف وجهه عنها، وضبط نفسه. [انظر: تراجم سيدات بيت النبوة (ص٣٤١ - ٣٤٣)]، وقد احتج بهذه القصة المكذوبة أحد القساوسة في إحدى مناظراته مع أحد الدعاة، ونَسَبَها لكتاب الدكتورة عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>