للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٠٨ - سوداءُ ولودٌ خير من حسناءَ لا تلِدُ، إني مكاثرٌ بكم الأمم حتى بالسقط يظل مُحْبَنْطِئًا (١) على باب الجنة يقال له: ادخل الجنة، فيقول: يا رب وأبواي؟ فيقال له: ادخل الجنة أنت وأبواك (٢).

١٢٠٩ - سيأتي على الناس زمانٌ لا يبقي من القرآن إلا رَسْمه، ولا من الإسلام إلا اسمه (٣)، يُقْسِمون به وهُم أبعدُ الناس منه، مساجدهم عامرة، خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة، وإليهم تعود.


(١) احْبَنْطَأ، أي: انتفخ جوفه، وامتلأ غيظًا. مُحْبَنْطِئًا: أي مُتَغَضّبًا مُمْتَنِعًا امتناع طلب لا امتناع إباء.
وقيل: المُحْبَنْطِئ: المُتَغَضّب المُسْتَبْطِئ للشيء.
(٢) عن مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَهَلَكَ فَامْتَنَعَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْضُرَ الْحَلْقَةَ لِذِكْرِ ابْنِهِ، فَحَزِنَ عَلَيْهِ فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالَ: «مَا لِي لاَ أَرَى فُلاَنًا». قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللهِ بُنَيَّهُ الَّذِي رَأَيْتَهُ هَلَكَ». فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَسَأَلَهُ عَنْ بُنَيِّهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هَلَكَ فَعَزَّاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا فُلاَنُ، أَيُّمَا كَانَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تَمَتَّعَ بِهِ عُمْرَكَ أَوْ لاَ تَأْتِى غَدًا إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلاَّ وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ يَفْتَحُهُ لَكَ».
قَالَ: «يَا نَبِيَّ اللهِ، بَلْ يَسْبِقُنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُهَا لِي لَهُوَ أَحَبُّ إِلَىَّ». قَالَ: «فَذَاكَ لَك» (رواه النسائي وصححه الألباني).
(٣) مِن أشراط الساعة أن يُرفع القُرْآن من الصدور والمصاحف فلا يبقى منه آية لا في الصدور ولا في المصاحف، فعَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ سدد خطاكم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ، حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ، وَلَا صَلَاةٌ، وَلَا نُسُكٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي لَيْلَةٍ، فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ، وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ، يَقُولُونَ: «أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَنَحْنُ نَقُولُهَا»، فَقَالَ لَهُ صِلَةُ: «مَا تُغْنِي عَنْهُمْ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ، وَلَا صِيَامٌ، وَلَا نُسُكٌ، وَلَا صَدَقَةٌ؟»، فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: «يَا صِلَةُ، تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ» ثَلَاثًا. (رواه ابن ماجه، والحاكم في المستدرك، وصححه الحاكم، والذهبي، وابن تيمية، وابن حجر العسقلاني، والألباني). ... =
= (يَدْرُسُ) دَرَسَ الرَّسْمُ: عفا وهلك، دَرَسَ الثوب: صار عتيقًا. والمعنى: يُمْحَى قليلًا قليلًا، أي يذهب نسجه قليلًا قليلًا حتى يُمحى. (وَشْيُ الثَّوْبِ): نَقْشُه. (حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ، وَلَا صَلَاةٌ، وَلَا نُسُكٌ، وَلَا صَدَقَةٌ) أي يأتي قوم لا يَدْرُون عن هذه الأمور وعن هذه الأحكام شيئًا، (وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي لَيْلَةٍ، فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ) فيُرفع القُرْآن من المصاحف ومن الصدور.

<<  <  ج: ص:  >  >>