من الظواهر التي لاحظها كثير من الناس اليوم قلّة البركة في الأموال والأولاد وعدم الانتفاع بالأرزاق والأبناء، حتى إن الرجل ليكون مرتّبه عاليًا ودخله جيدًا وأبناؤه عُصْبَة من الرجال الأقوياء الأشداء ثم تراه يقترض ويستدين، ويعيش في بيته وحيدًا أو مع زوجه العجوز لا أحد من أبنائه يحدب عليه أو يلتفت إليه. ولربما دخل كثير من الناس السوق وجيبه مليء بالمال، فلا يخرج إلا وهو صفر اليدين أو قد تحمَّل شيئًا من الدَّين، وعندما ينظر فيما أتى به من أغراض وحاجات لأهله لا يجد إلا أشياء كمالية صغيرة، يحملها بين يديه بلا عناء، ولا تساوي ما أنفق فيها من مال.
وإن هذا الأمر ليس قضية عارضة أو مسألة هينة، بل هو في الواقع يشكل ظاهرة ملموسة وقضية محسوسه، ويعد منحنى خطيرًا في حياة المجتمع المسلم، يجب على كل فرد أن يدرسه ويتعرف أسبابه، ويبحث عن حله الناجح وعلاجه الناجع، فيأخذ به ويقي نفسه، لعل الله أن ينجيه مما ابتلي به غيره من الناس، أو مما قد يكون هو نفسه مبتلى به.
إن البركة قد افتقدها كثير منا في أغلب أموره، ورغم ذلك لا يتنبه إلى ذلك ولا يحزن على فقدها أو يحاول أن يفعل الأسباب لتحصيلها.
ولو استعرضنا حال من نُزِعَتْ منه البركة لوجدنا ما يُحزن: الذرِّيةُ التي يقول الله تعالى عنها: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (الكهف: ٤٦ (صارت عند بعض الناس مصدر شقاء ومتاعب، لماذا؟ لأنه لم يبارك فيهم.