ومن صفات الله تعالى أنه تبارك كما قال تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ... (الملك: ١) , {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا}(الفرقان: ٦١) , {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}(الفرقان: ١). واسمه تعالى مباركٌ تُنال معه البركة، قال - عز وجل -: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}(الرحمن: ٧٨).
وكلُّ شيءٍ لا يكونُ لله فبركتُه منزوعَة، والربُّ هو الذي يُبارِك وحدَه، والبركةُ كلُّها مِنه، وهو سبحانَه تبارَك في ذاتِه، ويباركُ فيمن شاءَ من خلقِه، قال - عز وجل -: {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}(الزخرف: ٨٥). وكلُّ ما نُسِب إليه فهو مبارَك.
{يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} كلما جاء الليل ذهب النهار، وكلما جاء النهار ذهب الليل، وهكذا أبدا على الدوام، حتى يطوي الله هذا العالم، وينتقل العباد إلى دار غير هذه الدار. {تَبَارَكَ اللَّهُ} أي: عَظُم وتعالَى وكَثُر خيرُه وإحسانُه، فتبارك في نفسه لعظمة أوصافه وكمالها، وبارك في غيره بإحلال الخير الجزيل والبر الكثير، فكل بركة في الكون، فمن آثار رحمته، ولهذا قال:{تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.
والله سبحانه يختص بعض خلقه بما يشاء من الخير والفضل والبركة كالرسل والأنبياء. قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}(آل عمران: ٣٣)، وقال تعالى عن عيسى - عليه السلام -: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}(مريم: ٣١).